[إطلالة على بحيرة الدم: «فلسفة الجراح»!]
ـ[ناصر الكاتب]ــــــــ[18 - 11 - 2006, 09:58 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ألمٌ يدفن آلامًا، وآمال تستوحش من مهجةٍ ألهبتْها جراحُ الروح، وفؤادٌ حائر لا يدري بأيِّ أولئك يشتغل وماذا يُعالج!
وزحمةٌ من الهموم تنسي صاحِبَها أسبابَ حزنِه؛ لكنَّها تكتمُ روحَه فلا يجد لريَاحِ الأملِ الطيِّبَةِ منفذًا! فيقفُ مع نفسه ويحاور عقلَه محاولاً علاج حيرتِه والوقوف على منشأ ألمه، فيقول:
متألِّمٌ، ممَّ أنا متألِّمُ؟ =حارَ السؤالُ وأطرقَ المستفهِم
ولم ينفعْه الإطراق وإثارة الفكر، فعليه أن يستثير الحس الداخلي ويفتِّشَ في الشعور، فيقول:
ماذا أحِسُّ؟ وآهُ حُزْنِي بعضُهُ=يشكو فأعرفُهُ وبعضٌ مبْهَمُ
بي ما علمتُ من الأسى الدامي وبي=من حُرقَةِ الأعماقِ ما لا أعلمُ
وأكتفي بهذا القدر الآن؛ كي لا أحترق! ولي عودة –إن شاء الله-.
ـ[ناصر الكاتب]ــــــــ[18 - 11 - 2006, 10:00 م]ـ
- 2 -
وكيف يعلم عن تفاصيل جَمْرِ أعماقِهِ، وعقلُه مغطًّى بأدخنة مختلفة من الحيرة والقلق؟ بل إنَّ جراحَه الملتهبة وأحزانه المتراكمة وأوهامَه الكثيرة اجتمعن فأعمين بصيرتَه –كما عَمِي بصرُه- وترَكْنَه ضعيفَ الحيلة أمام روحِه التي صارت وقودًا لنيران جراحه الغائرة في أعماقه! وليس إلى إنقاذها سبيل –ولو في نظره- وليس له منها مهرب!
وكأنَّ روحي شُعلةٌ مجنونَةٌ=تطغى فتضرِمني بما تتضرَّمُ
يا ويحَ نفسِه! لقد ذاق هذا الشاعرُ البئيس من الفقرِ والحرمان والإعاقة ما أفقر قلبَه من السعادة، وضمَّ إلى كل أولئك ضلال فكر لا بدَّ أنَّه قد حرم روحَه من موردٍ لا ينهل منه غيرُ أهل الإيمان واليقين.
ولقد دلَّتْنا الأبياتُ السابقة على أنَّ ذلك الجريح على وشك الاحتراق! إذ ليس بعد الحريق إلا الاحتراق! ولكن ماذا بعد هذا الاحتراق؟!
ـ[كرم مبارك]ــــــــ[19 - 11 - 2006, 05:11 ص]ـ
أديب ... بمرتبة الشرف أخي ناصر
بارك الله في قلمك الطيب وسخره لخدمة دينه ..
تحياتي لك
ـ[ناصر الكاتب]ــــــــ[27 - 03 - 2007, 03:24 م]ـ
حياك الله أخي الكريم.
ـ[ناصر الكاتب]ــــــــ[27 - 03 - 2007, 03:41 م]ـ
- 3 -
بعد احتراق القلب!
في «بحيرة الدَّم» نيران من أسى وحرمان وآلام أودَتْ بالقلب المضطرب فيها!
فسعى الشاعر المفجوع وحيدًا في جنازة قلبه الهالك:
وكأنَّ قلبي في الضلوع جنازةٌ=أمشي بها وحدي وكلِّي مأتم
لا جرَم أن «الوحدة» وحدها كافية لتمزيق قلبه وتضييق الأرض عليه!
لكنَّه لم يكن وحده كما يقول؛ بل شاركه حشدٌ في تشييع جنازته والعويل –جزعا- على فقيده!
لقد دارت به الدوائر حتى أحس بمن يشاركه في مأتمِه ... !
إنها مصائبه وجراحه الأليمة تكاثرت عليه، فكان صراخُ كلٍّ منها: مصيبةً وحدَه!
أبكي فتبتسمُ الجراحُ من البكا=فكأنَّها في كلِّ جارحةٍ فَمُ
فصار يمشي بين الضجيج الذي أشغلَه عن نفسِه، بل أغفله عن درب الموت السريع!
ولا تعجب! فهو القائل:
تمتصُّني أمواجُ هذا الليلِ في شَرَهٍ صَمُوتْ
وتُعيدُ ما بدَأتْ .. وتنوي أن تفوتَ ولا تفوتْ
فتُثِيرُ أوجاعي وتُرْغمني على وجعِ السُّكوتْ
وتقولُ لي: مُتْ أيها الذاوي ... فأنسى أن أموتْ!
ثم، لا تنسى نعمةَ الله عليك أن وقاك مما ابتلاه، فالحمد لله على نعمه الوافرة!
وإن مرَّ في قلبك طائف حزن أو عاصف حيرة، فأنشِد –إن كنت منشِدًا- مثلَ هذا:
أنا يا ربِّ! حائرُ الخطوِ عانٍ=أتراءى لديك خيرَ مصيرِ
ربِّ! فاملأ بنورِ حُبِّك قلبي=أرتشفْ كوثرَ الصفاءِ النضيرِ!
ـ[الحارث السماوي]ــــــــ[27 - 03 - 2007, 04:27 م]ـ
أديب ... بمرتبة الشرف أخي ناصر
بارك الله في قلمك الطيب وسخره لخدمة دينه ..
تحياتي لك
كلاكما يستحق مرتبة الشرف
أخوكم الحارث