تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الشفاعة]

ـ[السدوسي]ــــــــ[05 - 12 - 2006, 11:28 ص]ـ

يقول سبحانه وتعالى: أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعضٍ درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً ورحمة ربك خير مما يجمعون.

خلق الله الخلق فجعلهم درجات،فاوت بين خلقه فيما أعطاهم من الأموال والأرزاق والأعمال والعقول وغير ذلك،وكل ذلك من أجل أن يتخذ بعضهم بعضاً سخرياً،يكون كل منهم مسخراً لخدمة الآخر وللسعي في حاجته. الغنيُ يخدمُ الفقير بجاهه وماله،والفقير يخدم الغني بعمله وسعيه.

ومن نعم الله على العبد المسلم نعمة الجاه والمكانة بين الناس،إذا قام بشكرها كانت نعمة،وإذا قام بكفرها فحجب هذا الجاه عن أهله المستحقين له كانت نقمة ووبالاً عظيماً. قال صلى الله عليه وسلم: ((من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل)) رواه مسلم.

ومن أعظم أبواب النفع للمسلمين باب الشفاعة الحسنة،يقول سبحانه وتعالى: من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها.

الشفاعة الحسنة وبذل الجاه والمكانة للمسلمين أياًما كانوا،أصبح في حكم المعدوم والنادر في هذا الزمان. وتناسى أصحاب المكانات والجاه والرئاسة الفضل العظيم في قبول الشفاعات الحسنة. ((المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلمه،من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته،ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة في الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة)) رواه البخاري ومسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: ((لأن أمشي في حاجة أخي أحبُ إليَّ من أن أعتكف شهراً)).

((وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه السائل - أو صاحب الحاجة - قال: اشفعوا فلتؤجروا،وليقض الله على لسان رسوله ما شاء)) رواه البخاري. الفتح 10/ 451.

وفي قصة بريرة في البخاري

عن ابن عباس

: أن زوج بريرة عبد أسود يقال له مغيث كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعباس (يا عباس ألا تعجب من حب مغيث بريرة ومن بغض بريرة مغيثا). فقال النبي صلى الله عليه وسلم (لو راجعته). قالت يا رسول الله تأمرني؟ قال (إنما أنا أشفع). قالت لا حاجة لي فيه.

قال الإمام الشافعي: "الشفاعات زكاة المروات"

ومرة: جاء رجلٌ إلى الحسن بن سهل يستشفع به في حاجة،قضاها،فأقبل الرجل يشكره،فقال له الحسن بن سهل: علام تشكرنا،ونحن نرى أن للجاه زكاة كما أن للمال زكاة؟ ثم أنشأ يقول:

فرضت علي زكاة ما سكلت يدي وزكاة جاهي أن أعين وأشفعا

فإذا ملكت فجد فإن لم تستطع

فاجهد بوسعك كله أن تنفعا

أيها الأخوة: إن الشفاعة الحسنة مبذولة لكل مسلم،ليست لمعارفك ولا لإخوانك: إنك عمَّا قريب ستفارق جاهك،وتفارق منصبك،فلا تبخل حتى بجاهك ومساعدتك عن إخوانك المسلمين. إنما المؤمنون إخوة، ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً)). إذا جاءك رجل مسلم يريدُ شفاعتك في كذا فقم معه،ولا تتوانى،ترفع عنه الظلم أو تجلب له الخير بشفاعتك الحسنة.

أيها الأخوة: والشفاعة حتى تكون حسنة،مقبولة شرعاً،تنفع صاحبها،وتزيد في أجره لابد أن تتوفر فيها ضوابط وشروط:

الأول: عدم تضييع من له حق: فكم من الناس يشفع ويتوسط ويتوسل في أمور يضيع بها حقوق المسلمين لنفع صاحبه أو قريبه،وهذا من المحرمات،ومن البلايا التي ابتلي بها أهل الزمان،تضيع حقوق وتهدر أحوال وأوقات وجهود بسبب مكالمة أو ورقة صغيرة: إثمها كبير، ووزرها خطير،ويظن الجاهل أن هذا من الشفاعة الحسنة،وما علم أنها من الشفاعة المحرمة: ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كِفل منها وكان الله على كل شيء مقيتاً. ومن علامات سوء المجتمع. أنك لا تستطيع إنجاح حاجة من حوائجك بدون أن تكلم فلان أو تتصل على فلان أو تستخرج ورقة من علان،لتسجيل أحد أولادك في الجامعة أو أحد بناتك في الكلية،أو حتى تسجيل بعض أولادك الصغار في المدارس. أو لكي تعين في المنطقة الفلانية أو تنقل من جهة إلى جهة. وتدخل الشفاعات السيئة عندما يصل الأمر إلى نقل المدرسات من منطقة إلى منطقة بل قد يتعدى الأمر إلى الرشاوى، هذا والنظم موجودة والباب مفتوح. فإلى الله المشتكى. وهذا إن حصل فكما قلت علامة سوء المجتمع.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير