[قصة تتكرر]
ـ[مهاجر]ــــــــ[02 - 01 - 2007, 11:05 م]ـ
بسم الله
السلام عليكم
يوما ما عبرت جيوش المرابطين، بقيادة الأسد القادم من صحراء المغرب: يوسف بن تاشفين، رحمه الله، لتقتلع ملوك الطوائف، وكان أول المطلوبين على "رأس القائمة": المعتمد بن عباد، غفر الله له، ملك اشبيلية المتوج، وملك الأندلس، أو بعبارة أدق: ما بقي من الأندلس، غير المتوج، الأمير الفارس الشاعر.
وبالفعل تم القبض على المعتمد، فأمر يوسف بإلقائه في سجن "أغمات" في جنوب المغرب في ظروف إنسانية صعبة، تحمل خلالها المعتمد الكثير، طوال أربع سنوات، ظل خلها محتفظا بهيبته الملوكية، وإن جاءت بناته يوم العيد حافيات بعد أن وطئت أقدامهن المسك والكافور يوما ما.
ويحكي لنا ابن الأثير، رحمه الله، في "الكامل" عن خلال يوسف، رحمه الله، فيقول:
وكان يوسف رجل ديناً، خيراً، حازماً، داهية، مجرباً. اهـ
ويحكي لنا ابن الأثير وقائع أخذ اشبيلية فيقول:
وأخذت إشبيلية من المعتمد في السنة المذكورة، أي سنة 484 هـ، وبقي محبوساً في أغمات إلى أن مات بها، رحمه الله، وكان هو وأولاده جميعهم الرشيد، والمأمون، والراضي، والمعتمد، وأبوه، وجده علماء فضلاء شعراء.
ويعلق على هذه المأساة:
وسير المعتمد وأهله إلى مدينة أغمات، فحبسوا فيها، وفعل أمير المسلمين بهم أفعالاً لم يسلكها أحد ممن قبله، ولا يفعلها أحد ممن يأتي بعده، إلا من رضي لنفسه بهذه الرذيلة، وذلك أنه سجنهم فلم يجر عليهم ما يقوم بهم، حتى كانت بنات المعتمد يغزلن للناس بأجرة ينفقونها على أنفسهم، وذكر ذلك المعتمد في أبيات ترد عند ذكر وفاته، فأبان أمير المسلمين بهذا الفعل عن صغر نفس ولؤم قدرة. اهـ
فعجبا لموقف حول دفة الحديث من: "وكان يوسف رجل ديناً، خيراً، حازماً، داهية، مجرباً" إلى: "فأبان أمير المسلمين بهذا الفعل عن صغر نفس ولؤم قدرة".
تذكرت هذا الحدث، وأنا أشاهد تسجيلا لإعدام شخص يتراقص حوله قاتلوه، في يوم عيد الحج، ولكن: لم يكن أولئك كيوسف، رحمه الله، لنتعجب كما تعجب ابن الأثير، رحمه الله، وربما كان المقتول كالمعتمد، من يدري؟!!!، وربما كان أدنى، وربما كان أعلى.
ويواصل ابن الأثير، رحمه الله، فيقول:
ومن العجيب أن المعتمد قد قتل ولداه: الفتح ويزيد بين يديه صبراً. اهـ
ومن العجيب أن الآخر قد قتل ولداه، أيضا، ولكن ليس صبرا بين يديه!!!!!!.
ولسان حال الراقصين حوله:
ضحوا تقبل الله ضحاياكم، فإنا مضحون بـ: .......................
وقد وصلت الرسالة!!!!.
وانتهت المسرحية، وأسدل الستار، ولكن الأمر لم ينته بعد، فما زال في الدنيا بقية، ليقتص الموحدون من قاتلي رجالهم ومنتهكي أعراضهم، ويوم يقوم الأشهاد، يجمع الله، عز وجل، يوسف والمعتمد، والآخر وقاتليه، وكل مقتول وقاتله، وتوفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون.
(قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ).
إلى الديان يوم الدين نمضي ******* وعند الله تجتمع الخصوم
وصبرا فما عاد في الابتلاء إلا اليسير، وغدا تولد أمة التوحيد في "حاضرة الخلافة"، إن شاء الله تحقيقا لا تعليقا.
والله أعلى وأعلم.