تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

متى يصير الصفُّ موحَّدا؟ ومتى تجتمع الكلمةُ؟

ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[29 - 11 - 2006, 12:54 ص]ـ

إعداد: هشام بن فهمي العارف

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا،من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد،

يشهد العالم الإسلامي اليوم انقسامات، وتصدعات، وخلافات في الرأي، ولا يسع العالم العاقل في مثل هذه الأزمات إلا توجيه النصيحة من أبواب عدة:

باب التبليغ وأداء ما يلزمه من البيان القائم على الكتاب والسنة في جمع كلمة المسلمين وتوحيد صفهم.

وباب الإفصاح عن حرص الصحابة والسلف أن تكون كلمة الله هي العليا لأنها هي الفيصل في جمع الكلمة وتوحيد الصف.

وباب العبرة فيما وقعت فيه الأمم السابقة بعد أن اختلفت كلمتها وتفرق صفها.

وقد حرص النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على تناول سورة (ق) (34/نزول) بالوعظ في خطبة الجمعة لأنها من أحسن الذكر وكانت خاتمتها قوله ـ تعالى ـ: (نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45).

قال الصنعاني ـ رحمه الله ـ في كتابه "سبل السلام" (2/ 49): "وكانت محافظته ـ صلى الله عليه وسلم ـ على الخطبة ـ يعني يوم الجمعة ـ بسورة (ق) اختياراً منه لما هو أحسن في الوعظ والتذكير".

والذكر في اللغة والشرع: الصلاة، والطاعة، وقراءة القرآن، وتسبيح الله وتمجيده والثناء عليه. قال القرطبي في "الجامع": "وإذا قلنا بالذكر؛ الصلاة، فالخطبة ـ يعني يوم الجمعة ـ من الصلاة".

فقوله ـ تعالى ـ في سورة الجمعة (110/نزول): (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ .. (9).

قال ابن جرير الطبري قوله ـ تعالى ـ: (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) يقول: "فامضوا إلى ذكر الله، واعملوا له، وأصل السعي في هذا الموضع العمل". هكذا قرأها عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ فعن ابن وهب قال: حدثنا حنظلة بن أبي سفيان الجمحي، أنه سمع سالم بن عبد الله يحدث عن أبيه، أنه سمع عمر بن الخطاب يقرأ: (إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فامضوا إلى إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ). أخرجه ابن جرير الطبري في "الجامع" (28/ 100)، وسنده صحيح، وأخرجه الشافعي في "الأم" (1/ 196)، والبيهقي (3/ 227) عن سفيان بن عيينة به.

ونقل ابن كثير قول الحسن البصري: "أما والله ما هو بالسعي على الأقدام ولقد نهوا أن يأتوا الصلاة إلا وعليهم السكينة والوقار، ولكن بالقلوب والنية والخشوع".

قال ابن القيم في "زاد المعاد" (1/ 427): "وكان يعلِّمُ ـ صلى الله عليه وسلم ـ أصحابه في خطبته قواعد الإسلام، وشرائعهم، ويأمرهم وينهاهم في خطبته إذا عرض له أمر أو نهي".

وإذا استنَّ خطيب الجمعة بسنة المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ في خطبته فإنه يعمل على إحياء منهج النبوة في نفوس من أنصت له، لا سيما إن حرص في الخطبة على الثوابت الشرعية التي احتوتها سورة (ق) في زمان وصفه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله: "كثير خطباؤه، قليل علماؤه، من استمسك بعشر ما يعرف فقد نجا". أخرجه الهروي في "ذم الكلام" (100) وهو في "الصحيحة" (2510).

وفي رواية ـ لها حكم المرفوع ـ من قول عبد الله بن مسعود: "كثير قرَّاؤه، يحفظ فيه حروف القرآن، وتضَيَّع حدوده". رواها الإمام مالك في "الموطأ" (419).

قال العز بن عبد السلام ـ رحمه الله ـ: "ولو حدث في المسلمين حادث فلا بأس بالتحدث فيما يتعلق بذلك الحادث مما حث الشرع عليه، وندب إليه، كعدو يحضر، ويحث الخطيب على جهاده، والتأهب للقائه".

ولا شك أن معالجة ما يمر به المسلمون اليوم من تفرق الكلمة، يجب أن يكون من القرآن والسنة بفهم سلف الأمة، ويوم الجمعة يوم فضَّله الله على سائر الأيام وجعله عيداً لأمة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد أن ضل عنه من قَبْلنا، فكان لليهود يوم السبت، وكان للنصارى يوم الأحد، وكان من فضائله الاجتماع على الصلاة، والذكر، وقراءة القرآن، لتجتمع كلمة المسلمين على طاعة الله.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير