فلو فرضنا أن الكاميرات سجلت كل تصرفاتي، فما الذي يجعلني أخاف؟! أأخاف من الناس الذين هم مثلي أمام الله؟ أأخشى الناس ولا أخشى الله؟! فما الفائدة إذا كنتُ في أعين الناس عظيمةَ الشأن؛ ولا أشعر براحة الضمير. حينئذ تذكرت مقولة وهب بن الورد: "لا تجعل الله أهون الناظرين إليك".
فخشيتِي للناس أعطتني وقفة، والله أحق أن أخشاه. فإذا كنتُ أخاف من مخلوق مثلي قد يراني، وقد لا يراني، فالأولى أن أخشى من الخالق الذي يرى جميع تصرفاتي، ويعلم أسراري وخواطري {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} [طه: 7].
قمت وأغلقت تلك الكاميرات، فلم أعد في حاجة إليها، ولن أحتاج أن أسجل يومًا من حياتي. فعندي ملكان يسجلان عليَّ كل أعمالي. وكل أقوالي: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7 - 8]. وهناك أيضا رقيب وعتيد {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18].
وهناك سجلّ أعمالي من حسنات وسيئات، سأقرؤه يوم القيامة. وهناك ما هو أعظم من كل ذلك .. إنه الله .. نَعَم الله .. فعندما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإحسان، قال: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك". ولذلك أُحب أن يراني دائمًا على الطاعة.
صوت الضمير يعلو ..
تخيل أنك مراقب
والآن أسمع صوتًا يناديني من داخلي يقول: ما أحلى معية الله. ولكن ما هذا الصوت؟ لقد سمعت هذا الصوت كثيرًا؛ وتناسيته أحيانا؛ يبدو أنه صوت ضميري.
ويمر اليوم وتليه أيام وشهور. ولكني لا أنسى ذلك الدرس الذي غيَّر حياتي كلها، حتى قرأتُ منذ أيامٍ عن برنامج ( Gogle Earth)، وقمت بتثبيت نسخة منه على الكمبيوتر، وعرفت أنه يصور أي مكان في الكرة الأرضية بوضوح، حتى يمكن أن يصور مجموعة من الأشخاص داخل شرفة المنزل مثلاً، وأحببت أن أرى بيتنا من خلال البرنامج، وفعلاً دخلت الشارع والبيت من خلال البرنامج.
خطرتْ على بالي فكرة أكثر غرابة: ماذا سيحدث لو ظلَّ كل منا تحت رقابة القمر الصناعي يومًا كاملاً؛ كيف سيتصرف؟ الناس جميعًا ستراك الآن .. ماذا ستفعل؟ ّ!
يا إلهي .. لقد كانت فكرة الكاميرات أبسط بكثير، فما بالك بالقمر الصناعي، والعالم كله يراك؟! هل تعصي الله؟ هل تحب أن يراك أحد على معصية؟! بالطبع ستكون الإجابة: لا. فماذا لو تخيلت أنك تحت رقابة ( Gogle Earth) ليوم واحد، وتصرفت كما لو أنّ العالم كله سيرى أعمالك .. ماذا ستفعل؟
والآن سأطرح عليك السؤال: هل تجد في الدنيا ما هو أعظم من رضا الله؟ ستكون الإجابة حتمًا ودون تردد: لا. إذن، لا تجعل الله أهون الناظرين إليك.
اقرأ أيضًا:
كنت غافلا عن الله
القلب الحي .. رزق المؤمن
العبودية بين الخذلان والتوفيق
عملية في القلب .. عاد إلى قلبي
اكتشف قدراتك .. بالعودة إلى الله
البكاء من خشية الله .. تربية للقلب
أعلنت توبتي منذ استشهاد الشيخ أحمد ياسين
عيناي لم تعودا تدمعان خشيةً .. كيف أسترِدُّ إيمانياتي؟
** داعية وكاتبة مصرية؛ يمكنكم التواصل معها، وإضافة مشاركتكم وخواطركم الإيمانية عبر بريد الصفحة: [email protected].
ـ[أبو طارق]ــــــــ[28 - 11 - 2006, 04:20 م]ـ
(أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك). ( http://saaid.net/rasael/260.htm)
ياله من معنى عظيم كبير، قال أهل العلم وتضمن الإحسان حالتين أرفعهما أن يغلب عليه مشاهدة الحق سبحانه وتعالى بقلبه حتى كأنه يراه بعينه وهو قوله كأنك تراه أي وهو يراك والثانية أن يستحضر أن الحق مطلع عليه يرى كل ما يعمل وهو قوله فإنه يراك وهاتان الحالتان يثمرهما معرفة الله وخشيته.
بارك الله فيك شيخ نائل
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[28 - 11 - 2006, 06:22 م]ـ
بورك فيك وفي نقلك شيخ نائل
فما أجمل أن يكون المرء محسنا فيرقب فعله وقوله
وشكرا لك أبا طارق على رابط المشاركة
تحياتي
ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[28 - 11 - 2006, 08:33 م]ـ
أشكركم على المرور الكريم.