مادامت حقيقية فلا حول ولا قوة إلا بالله
سمعت بشخص أصيب بسكتة عندما خسر بالأسهم لاأدري هل هذه الملايين ستشفع له عند ربه وتنجية من العذاب؟؟؟
ـ[مهاجر]ــــــــ[16 - 12 - 2006, 04:03 ص]ـ
وكثير من الأغنياء، تركوا الدنيا بزخرفها، وهاموا في أرجاء البسيطة بحثا عن السعادة، ولكن كثيرا منهم لم يصل إلى المطلوب الأعظم الذي اتفقت عليه كل العقول، ألا وهو: دفع الهم، كما أشار إلى ذلك، طبيب النفوس البارع: أبو محمد بن حزم الأندلسي رحمه الله، وما ذاك إلا لأن شمس الرسالة لم تسطع لتبدد ظلمات حياتهم، فـ:
"بوذا"، ذلك الأمير المرفه، يترك الإمارة ليهيم على وجهه في رحلة تأملية، بحثا عن الكنز المفقود، وهيهات، فقد كان الرجل بعيدا عن أرض الشرق، موطن النبوات، فلم تسعفه تجاربه وتأملاته الشخصية إلا بمجموعة من الأفكار التجريدية، التي، وإن كان فيها حق، إلا أنها لا توصل معتنقها إلى المعبود الحق، فهي أفكار "أفلاطونية"، إن صح التعبير، لا صلاحية لها على أرض الواقع، وإنما تصح في أذهان معتنقيها فقط، ولا شك أن هذا من أبرز مواطن العظمة في دين الإسلام، فهو دين يجمع بين الروح والجسد، فلا إغراق في الروحانيات لدرجة التصوف والتجرد، ولا إغراق في الماديات لدرجة الانكباب على الشهوات والملذات، وإنما للروح حق، وللجسد حق، والخلل، كل الخلل، أن يميل الإنسان لأحدهما على حساب الآخر، فالتقليل من الطعام والشراب لدرجة الهزال وفساد الجسد والمزاج، وتقليل النوم لدرجة التعب والإرهاق، وممارسة الرياضات الروحية العنيفة، والحزن الدائم، ووصال الصيام، وترك الزواج، والسياحة في الفلوات، والتجرد من الثياب، وترك الاغتسال والتنظف، كل هذه الطقوس التي يزعم صاحبها أن فيها صلاحا لروحه ولو فني جسده لم تعرفها أمة الإسلام التي اختارها الله، عز وجل، لقيادة البشرية في المنعطف الأخير من حياتها.
وكذا الواقع في أمة اليونان، فالقوم كانوا من أكثر أمم الأرض ترفا، ومع ذلك ظهرت التعاسة في مصنفات كبار فلاسفتهم، فالحيرة والشك غالب عليهم، وما ذاك، أيضا، إلا لبعد القوم عن أرض الشرق، أرض الرسالات، فهام القوم كما هام غيرهم في أودية الضلال، ولم تكن "مدينتهم الفاضلة"، تصلح للوجود في أرض الواقع، فهي نتاج عقول لم يعرف الوحي إليها طريقا.
وقد سمعت في إحدى المحاضرات المسجلة، قصة غريبة، بطلها هو: علي بن الخليفة المأمون، الخليفة العباسي الشهير، غفر الله له، إن لم تخني الذاكرة في استحضار اسمه، إذ أطل يوما من شرفة قصره، فرأى أحد الصيادين يتوضأ من دجلة أو الفرات، ثم يصلي، فاستدعاه ليسأله عن حاله، فلم يجد إلا السرور والرضا، مع بساطة حال ذلك الصياد، فهام على وجهه في المشرق، حتى وافته المنية بعد سنين، في أرض خراسان، إذ كان يعمل في حمل الأخشاب، مع أنه ابن أعظم ملك من ملوك الدنيا آنذاك، لقد عثر علي، رحمه الله، على مطلوبه عند ذلك الصياد البسيط.
وهي ليست دعوى للتجرد من الأموال والسياحة في الأرض، ولكنها بيان لحقيقة ماثلة في حياة كثير من الأغنياء: إن المال وإن كان عصب الحياة المادية إلا أنه بلا روح سعيدة لا قيمة له ألبتة.
إن السعادة، كل السعادة، في اتباع ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، فشريعته قد ضمنت السعادة الدنيوية والأخروية لكل البشر بلا استثناء.
ولله در تقي الدين أبي العباس أحمد بن تيمية، رحمه الله، إذ يقول: (الدنيا كلها ملعونة ملعون ما فيها إلا ما أشرقت عليه شمس الرسالة وأسس بنيانه عليها، ولا بقاء لأهل الأرض إلا ما دامت آثار الرسل موجودة فيهم، فإذا درست آثار الرسل من الأرض وانمحت بالكلية خرب الله العالم العلوي والسفلي وأقام القيامة)، ومصداق ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: الله، الله)، وفي رواية: (حتى لا يقال في الأرض: لا إله إلا الله)، أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فأي خير يرتجى في أرض لا يذكر فيها اسم الله؟!!!.
وآثار الرسل اليوم متفاوتة باختلاف الأمكنة، فهي تسطع في بلاد، وتخفت في بلاد، وتنعدم في بلاد، بل إن الواحد منا ليجد تفاوتا في شدتها خلال يومه، فتزداد شدتها في أوقات، وتضعف في أوقات أخرى، وهذا من أقوى الأدلة العملية على زيادة الإيمان ونقصانه تبعا لفعل الطاعات أو ارتكاب المعاصي، عصمنا الله منها.
والله أعلى وأعلم.
ـ[رائد عبد اللطيف]ــــــــ[16 - 12 - 2006, 03:04 م]ـ
تعليقا على ما تقدم في بتداية الموضوع:
ولست أرى السعادة جمع مال ,,, ولكن التقي هو السعيد
أحسنت أخي الربيع
ـ[كرم مبارك]ــــــــ[16 - 12 - 2006, 03:38 م]ـ
مهاجر ..
إضافة قيمة ككل إضافاتك السابقة
بارك الله فيك أخي الكريم
رائد ... أشكرك على المرور والتعليق ولك التحية
¥