تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

3 ـ سيجد المسيحيون المطلعون على المصحف: آيات القرآن التي تتحدث ـ بمهابة وجلال وقدسية ـ عن (المعجزات) التي اجراها الله ـ تبارك اسمه وتقدس في علاه ـ على يد المسيح المحبوب من الله ومن المؤمنين كافة: وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيه فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني».

4 ـ وسيجد المسيحيون الذين يطالعون المصحف: تمجيدا وتعظيما وتكريما وتطهيرا لأم المسيح: مريم ابنة عمران ـ عليها السلام.

أ ـ «وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين».

ب ـ «واذكر في الكتاب مريم».

ج ـ وجعلنا ابن مريم وأمه آية».

5 ـ وسيجد المسيحيون وهم يطالعون المصحف احتفاء صدوقا ساميا حميما بحواري السيد المسيح: رضي الله عنهم:

أ ـ «فلما احس عيسى منهم الكفر (أي مبغضوه) قال من انصاري الى الله قال الحواريون نحن انصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون. ربنا آمنا بما انزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين».

ب ـ «يا أيها الذين امنوا كونوا انصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من انصاري الى الله قال الحواريون نحن انصار الله».

6 ـ وسيجد المسيحيون وهم يطالعون المصحف: الدعوة الواضحة الى (المرجعية الابراهيمية العليا) حين يحصل اختلاف او جدل حول (العقيدة في الله):

أ ـ «قل صدق الله فاتبعوا ملة ابراهيم حنيفا وما كان من المشركين».

ب ـ «ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة ابراهيم حنيفا».

نعم. سيجد المسيحيون المطلعون على المصحف: ذلك كله ـ وغيره كثير ـ في سور القرآن المئة وأربع عشرة، وآياته التي تجاوزت ستة آلاف آية.

سيجدون فيه ـ بوجه عام:

أولاً: أن أصل النبوات ومصدرها واحد: «إنا أوحينا اليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده».

ثانياً: ان أولي العزم من الرسل: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد دعاة إلى حقيقة وبينة واحدة» شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه».

فحق للدانماركيين ـ وغيرهم من المسيحيين ـ أن يطالعوا المصحف وان يتهادونه بينهم بمناسبة دينية عالمية وهي: أعياد الميلاد. ثم ننعطف بالسياق ـ في نقطة تكاملية تناغمية ـ إلى صعود اسم (محمد) في الخط البياني لتسجيل اسماء المواليد الذكور في مقاطعات بريطانية.

ان اسم (محمد) عربي الجذور والاشتقاق والاستعمال، ولكن صاحبه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ (عالمي المنهج والرسالة والرحمة)، ولذا فإن التسمية باسمه الشريف لها مضمونان: مضمون خاص، اي بالذين يؤمنون برسالته .. ومضمون عام وهو (المضمون الإنساني العالمي المتعلق بعالمية المنهج والرسالة والرحمة) .. وفي ضوء هذا المفهوم الإنساني العام، يحمل غير المسلمين اسم (محمد). وهو اسم يشرف (كل) إنسان: أنى كانت ديانته ومذهبه.

اسم يشرف كل إنسان، لأن محمداً النبي الجليل ينتمي إلى بني الإنسان: «قل إنما انا بشر مثلكم يوحى إليّ».

اسم يشرف كل إنسان لأن محمداً قد ابتعثه الله تعالى رحمة للناس أجمعين، بل رحمة للعالمين: «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين». اسم يشرف كل إنسان لأن محمداً كان يستقبل كل يوم من أيام حياته المباركة بهذا الدعاء الأواب الرباني الانساني العالمي اللطيف: «اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر» .. لقد اتسع قلب هذا النبي المحمد لسعادة البشرية كلها. فنهض يشكر ربه بالنيابة عن كل الناس، وكل مخلوق: على كل نعمة أسبغها الله ـ سبحانه ـ على كل إنسان، وكل مخلوق.

اسم محمد يشرف كل إنسان. لان محمدا هو رائد النهضة التنويرية الكبرى في التاريخ الإنساني: تلك النهضة التي انبثقت أنوارها في القرن السابع للميلاد، وهي نهضة أسست من بعد نهضات إنسانية عديدة منها النهضة الأوربية .. يقول بول كندي ـ في كتابه (نشوء القوى العظمى وسقوطها) .. «إن قسطاً كبيراً من الموروث الثقافي والعلمي الأوروبي هو في حقيقة الأمر (استعارة) من الاسلام والمسلمين» .. لذا فإن الصبي الانجليزي ـ أو غيره ـ الذي يحمل اسم محمد يحق له أن يعتز بذلك كله: بدلالات اسم محمد ومضامينه الإنسانية العالمية السامية المشرفة.

ومن تمام الكلم: إثبات نقطتين:

النقطة الأولى: انه لا ينبغي ان يتعجل عجل فيربط بين الإقبال على المصحف واسم محمد وبين (تبني) الهجوم على الاسلام: كتابا ورسولا بمعنى ان يقال: إنه ما دام السبّ يجلب خيرا فمرحبا بالسباب. ذلك ان السباب حرام وشر ويمتنع أن يتوسل بالحرام والشر إلى الخير والحلال .. وقد تبدى هذا الترحيب الأحمق من أعقاب أحداث 11 سبتمبر حيث قال قائلهم: من أعظم فوائد هذا الحدث: انه نبه غير المسلمين إلى الاسلام. فهذا كلام متهافت بل باطل، وإلا وجب على الدعاة: وضع خطة طويلة المدى تشجع على شتم الاسلام ابتغاء نصرته!!

النقطة الثانية: يتوجب على المسلمين: إعادة النظر في تصور الشعوب الغربية، إذ هي شعوب ـ في غالبها ـ متسامحة غير متعصبة. لم يمنعها عدم إيمانها بالقرآن: أن تقبل عليه، ولا عدم إيمانها برسالة محمد: أن تسمي صبيانها باسمه .. صحيح أن هناك دوائر معينة في الغرب (أدمنت) التعصب ضد الإسلام أو بيتت النية على محاربته، بيد أنه يلزم التفريق بينها وبين القطاعات الواسعة المتسامحة.

ولإعادة النظر هذه سند نفسي ديني نص عليه ذات المصحف الذي يتهاداه المسيحيون في أعياد الميلاد .. هذا النص القرآني هو «ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وانهم لا يستكبرون».

http://www.asharqalawsat.com/leader.asp?section=3&article=399298&issue=10259

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير