وربما وجدت الجامعة العربية في المشكلة اللبنانية الحالية جواً مناسباً، لدمج المشكلتين اللبنانية والفلسطينية وعرضهما على مجلس وزراء الخارجية العرب، الذين سيخلصون إلى قرارت «تاريخية»!
عجز الجامعة بدا واضحاً أيضاً في أحداث السودان، ومثله في الصومال أخيراً، حيث جاءت تدخلات قريبة وبعيدة، ولم يكن للجامعة العربية أي تحرك نحو هذين القطرين العربيين والعضوين الفاعلين.
هذا في ما يتعلق بما يدور على الساحة العربية اليوم، أما ما حققته الجامعة العربية منذ إنشائها فمخيب لكل الآمال ... بجميع المقاييس. فقد شهدت الجامعة خلافات عربية – عربية، بدأت بعد إنشائها بفترة وجيزة ولا تزال. وجمدت اجتماعات القمم العربية للأعوام 1966، 1968، 1970، 1971، 1972، 1975، 1977، 1983، 1984، 1986، كما توقفت اجتماعات القمم العربية لمدة خمسة أعوام متتالية، منذ قمة القاهرة الطارئة في أعقاب الغزو العراقي للكويت عام 1990 حتى قمة القاهرة عام 1996.
وجميع الوعود التي قطعتها دول الجامعة في اتفاق الدفاع المشترك، وإنشاء محكمة عدل عربية، واتحاد اقتصادي على غرار الاتحاد الأوروبي، لم يصاحبها أي عمل حقيقي على أرض الواقع. وأكثر ما حققته الجامعة عبر الحقب الطويلة في كل قراراتها «التاريخية»، هو اجترار قرارات سابقة حول المطالبة «بانسحاب إسرائيل الكامل وغير المشروط»، أو تنديد باتفاق كامب ديفيد، و ... الخ ... الخ. وقد بدت واضحة اليوم صلابة مواقف الجامعة «التاريخية» في هذه القرارت!
المثير للسخرية أيضاً، أن غالب إجماعات القمم العربية إما ضد أحد أعضائها كما حدث في قمة بغداد، التي أجمعت فيها الدول العربية على تجميد عضوية مصر ونقل مقر الجامعة إلى تونس، وكما حدث أيضاً في قمة القاهرة في عام 1990 في موقف مماثل ضد حكومة بغداد، أو لخرق إجماع عربي سابق، كما حدث في قمة الخرطوم الأخيرة التي استجابت للضغوط الأميركية، في موقف «تاريخي» موحد ضد «حماس»، لإرغامها على الاعتراف بإسرائيل، ليصدر هذا القرار من العاصمة نفسها التي أقرت اللاءات الثلاث المشهورة قبل أربعة عقود.
إضافةً إلى ذلك، فقد شهدت لقاءات زعماء الدول العربية مهاترات لا تليق ومكانة منظمة دولية إقليمية. ولعل قرار المملكة العربية السعودية عدم استضافة القمة المقبلة، يأتي ترجمة واضحة لعدم رضاها عن إنجازات الجامعة، التي خيبت آمال الشعوب والحكومات العربية على حد سواء.
ولكن للجامعة إنجازات متواضعة ليس هذا مكان ذكرها، ولعل أكبر إنجاز حققته الجامعة هو بقاء وجودها إلى هذا اليوم. فالجامعة العربية اليوم قد شاخت وكبرت ودبت فيها الأمراض والأسقام من كل جانب، ولا غرو إذاً أن يكون قد اقترب حصادها، إن لم تكن قد ماتت فعلاً.
فالجامعة العربية إن لم تكن قد ماتت موتاً حقيقياً، فهي قد ماتت موتاً سريرياً. إذ إنها ميتة في كرامتها التي لم تعد تتأثر بما جرى ويجري في الساحة العربية في كل آن، وميتة في فهمها لواقع الشعوب العربية التي بحت حلوقها في المطالبة بأبسط حقوقها ولم تجد أذناً صاغية، وميتة في طبائعها التي لا تتحرك حين يتحرك الشارع العربي بكامله، وميتة بأحاسيسها التي لم تعد تنبض لأبنائها في فلسطين أو العراق أو لبنان أو غيرهم، وميتة في اجتماعاتها التي لم تعد تعقد كما ينبغي لها، وإذا عقدت لا ينتج عنها إجماع، وإذا أجمعت فلا يكون إلا على شر!
إن الجامعة العربية اليوم بحاجة إلى قرار صعب هو أصعب قرار في حياتها. هذا القرار يجب أن يكون على غرار القرار الجريء الذي اتخذته القمة الخليجية الأخيرة في حل درع الجزيرة، حين أدركت هذه الدول عدم الحاجة إليه فعلياً، على رغم كونه موجوداً نظرياً منذ عقود.
وإذا ماجاء اليوم الذي تتخذ فيه الجامعة هذا القرار الجريء، فإن اللسان العربي سيقول: فلتذهب الجامعة غير مأسوف عليها.
ـ[الحارث السماوي]ــــــــ[07 - 01 - 2007, 04:19 م]ـ
قد ذهبت عندما تأسست
وا أسفاه
ـ[مهاجر]ــــــــ[08 - 01 - 2007, 01:02 ص]ـ
وقد أنشئت خصيصا للوقوف ضد مشروع "الجامعة الإسلامية"، الذي نادى به جمال الدين الأفغاني، بغض النظر عن علامات الاستفهام المتتالية على هذه الشخصية الغامضة المريبة، فكان لزاما على الغرب أن يرعى أي عقد آخر يربط بين العرب سوى عقد الإسلام.
وآخر إحصائيات قتلى العراق الحبيب، وقد قرأتها في جريدة "الأسبوع" المصرية، والعهدة على الراوي، تقول بأن عدد القتلى وصل إلى: مليون و 112 ألف، إن لم تخني الذاكرة، غالبيتهم العظمى من أهل السنة والجماعة!!!، ولا تعليق.
وهنيئا للعرب جامعتهم التي فشل كل خريجيها بـ "امتياز".