لكن .. هل الفوضى عالمية شاملة!؟ لا .. إنها خاصّة بالدول الضعيفة، التي لم يبق في العالم توازن قوى يحميها .. ! ومن هذه الدول ماهو موجود في عالمنا العربي والإسلامي، من دول ودويلات .. !
وأقسى مايفرضه على بلادنا اختلالُ ميزان القوى العالمي، في سياق بيتي الشعر المتقدّم ذِكرهما، هو محاصرة حلمائنا وجهلائنا معاً، وفي الوقت ذاته:
· الجهلاء يحارَبون بحجّة مكافحة الإرهاب (وبعضُهم يعطي الحجة على نفسه، لأنه يتمادى في عدوانه، حتى على أبناء مجتمعه وملّته، بذريعة محاربة الفساد والطغيان في بلاده، فيسيء أكثر ممّا يُحسن، ويَضرب الصالح والطالح، ويَهدم الكثير دون أن يبني شيئاً، لأنه نَدب نفسه للهدم لا للبناء .. ! فيَستنفر ضدّه أبناءَ مجتمعه، ليكونوا عوناً للقوى الدولية ضدّه، مادام لايفرّق في عدوانه، بين أبناء ملّته ومجتمعه، وبين أعداء أمته، ويضعهم في اجتهاد ساذج في دائرة واحدة .. ! وإذا كانت حماسة الشباب، هي الروح التي لاتستغني عنها أيّة أمّة، فإن الحماقة في جيل الشباب أيضاً أحد معاول الهدم الفتّاكة، التي تدمّر كيان الأمّة، قبل أن يدمرها أعداؤها .. ! فهل فكّر شباب الأمة وعلماؤها ومربّوها وساستها .. بضرورة الفصل بين الحماسة والحماقة .. !؟ وهل أدرك شباب الأمّة المتحمّسون، الذين لايشكّ أحد في إخلاصهم إذ ليس ثمّة عاقل، يشكّ في إخلاص شابّ يفجّر نفسه بحزام ناسف، خدمة لقضيته التي يؤمن بها، أيّاً كان دينه أومذهبه هل أدركوا، أو سيدركون، أن الحماسة والإخلاص لقضية ما، لايجعلان الاجتهاد الفاسد، فيها أو في غيرها، صالحاً .. ولا يلغيان حقّ المتضررين بهذا الاجتهاد، في مقاضاة مَن سبّبَ لهم الضرر، في الدنيا والآخرة .. بل وفي مناصبته العداء، حتى لوتصوّر نفسه باجتهاده هذا منقِذاً لهم من ضيم خارجي أو داخلي .. !؟).
· الحلماء يحارَبون بحجّة انتمائهم إلى العقيدة التي ينتمي إليها الجهلاء، وبحجّة الظنّ بأن بعض هؤلاء، يساعدون بعض أولئك، مالياً أو إعلامياً .. وربّما بحجّة تعاطفهم معهم وجدانيا .. ! (وغنيّ عن البيان، أن الحلماء الذين يشكّلون عنصرالوسطية والتوازن في مجتمعاتنا، هم صِمام الأمان وعنصر الاستقرار في هذه المجتمعات، وعنصر الامتصاص والاستيعاب الأول وربّما الوحيد لسائر نزعات التطرّف والجهل، والاجتهاد المسطّح في التعامل مع الأفكار والناس .. !).
· ولو انسحب الحلماء، أصحابُ مدرسة التوازن والوسطية، من ساحة العمل العام، لاستقطب الجهلاء، أتباعُ مدرسة العنف والتطرّف، سائرَ شباب الأمّة، واستثاروهم بسائر عناصر الإثارة الموجودة على الساحة، وأبرزها تحدّي العدوان الخارجي، والتصدّي للفساد الداخلي، في إطار نزعة جامحة للهدم والهدم وحدَه إذ ليس لهذه الفرق التي تنزع إلى العنف، مشروع واحد للبناء .. ! وهي لاتؤمن أصلاً، ببناء المجتمعات القائمة، أو البناء فيها، لأنها فاسدة .. ! والبناء في الفساد وعلى الفساد، إنّما هو إضاعة للوقت الذهبي المخصّص للهدم، من وجهة نظرها .. !
· فسبحان الله! هل كان النابغة الجَعْدي، ببيتيه المذكورين آنفاً، يَستشرف مانحن فيه اليوم من (فِتَن يصبح الحليمُ فيها حَيران) كما ورد في الحديث الشريف .. ! أم هي حكمة شاعر، تشمل كل مايندرج في مضمونها من حالات، على امتداد الزمان والمكان .. !
ـ[أبو طارق]ــــــــ[20 - 01 - 2007, 04:21 م]ـ
بوركت أخي الكريم
وإليك حكم كتابة (ص) للعلاّمة بن باز -رحمه الله- ( http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=16708)
دمت طيبًا
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[22 - 01 - 2007, 11:06 ص]ـ
بارك الله فيك أستاذي الكريم أبو طارق،ولا أخفيك أني انتبهت لها عند النقل، واحترت هل أغيرها أم أتركها كما هي في الأصل. فجزاك الله الخير الكثير.
ـ[تلميذة زهرة]ــــــــ[23 - 01 - 2007, 04:48 م]ـ
جزاكم الله خير
تلميذة زهرة
ـ[أبو طارق]ــــــــ[23 - 01 - 2007, 05:13 م]ـ
بوركتَ أستاذي الكريم
ولا بأس من تغيير كلمة أو عبارة عند النقل إلا إن أردت التحذير منها, وبيان حكمها
دمت طيبًا
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[23 - 01 - 2007, 05:27 م]ـ
بارك الله فيك أختي تلميذة زهرة وبارك الله فيك أخي أبو طارق.