ـ[ابو عبد الله محمد بن فاروق الحنبلي]ــــــــ[19 - 01 - 09, 09:57 ص]ـ
أظن أنه بعد نشر صور الإجازات، وشهادة تلامذته، ومن صحت له بالشيخ صحبه وسماعا، وشهود أفاضل من أهل العلم وطلبته .... بعد هذا كله فليرتدع المشككون والهاتكون للأعراض، وأقول لهم:
إن غدا لناظره لقريب، ويوم تعرض الصحف تجد كل نفس ماقدمت وأخرت، والله يقول: (يوم تبلى السرائر، فماله من قوة ولاناصر)
ـ[أزماراي]ــــــــ[19 - 01 - 09, 01:05 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
(الرِّوَايةُ والإسنادُ بحاجةٍ إلى حُفَّاظٍ ونقَّاد)
شكرٌ واعتذارٌ للشيخِ المحدِّثِ رِيَاضِ بن عبدِالمحسنِ السَّعَيدِ
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فقد كنتُ كتبتُ بياناً عن حقيقة سماع شيخنا عبدالوكيل بن عبدالحق الهاشمي من والده، وبينتُ -كما بيّن غيري من الفضلاء- صحة سماعه في المنصوص عليه، والمشهود به من الثقات العدول.
وذكرتُ فيه أن مبدأ نقد الأسانيد، ودراسة أحوال الرواة لا عيب فيه ولا تثريب، وقلتُ: (ما دام في الوجود رواية وإسناد، فيجب أن يكون في الميدان حُفَّاظٌ ونقاد)، كلّ ذلك بقواعد أهل الحديث في نقدهم للرواة والأخبار.
ثم رأيتُ جملة من الإخوان قد ضاق عطنهم من صنيع الشيخ المحدث المسند الناقد رياض بن عبدالمحسن السعيد حفظه الله تعالى، وحملوا عليه لانتقاده بعض إجازات الشيوخ، حتى زاد الأمر إلى الطعن فيه بغير عدلٍ وأدب!.
فرأيتُ لزاماً أن أذكّر إخواني بأنّ ما يقوم به الشيخ رياض السعيد حفظه الله ورعاه يُعد من أشرفِ مراتب علماء الأحاديث، بل هو تاج علم الحديث، وسبيل أئمته، فلم يكن بروز الأئمة في الحديث بكثرة الرواية وإنما كانت الرفعة لهم لما تحلوا بتفحص الأسانيد، ونقد الرجال، كلّ ذلك صيانة للسنة النبوية، ورعاية للأسانيد المروية.
وله سنة في أبي بكر الصديق رضي الله عنه في نقده للأسانيد، فلما جاءت إليه الجدة تلتمس أن تورث، فقال: ما أجد في كتاب الله شيئاً وما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر لك شيئاً، ثم سأل الناس؟، فقام المغيرة، فقال: حضرتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيها السدس، فقال له أبو بكر: هل معك أحد؟، فشهد محمد بن مسلمة بمثل ذلك فأنفذه له أبو بكر رضي الله عنه.
قال الحافظ الذهبي "تذكرة الحفاظ" (1/ 2): وكان أول من احتاط في قبول الأخبار.
وكذلك في ترجمة عمر بن الخطاب في كتابه "تذكرة الحفاظ" (1/ 6) قال: وهو الذي سن للمحدثين التثبت في النقل، وربما كان يتوقف في خبر الواحد إذا ارتاب.
وقال الحافظ أبو حاتم بن حبان في "مقدمة المجروحين" (1/ 38): وتبع عمر على ذلك التثبت عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه باستحلاف من يحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كانوا ثقات مأمونين ليعلّمهم توقي الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم قال: وهذان أول من فتش عن الرجال في الرواية وبحثا عن النقل في الأخبار ثم تبعهما الناس على ذلك.
وفي "مقدمة صحيح الإمام مسلم" (1/ 13) بإسناده عن مجاهد قال جاء بشير العدوى إلى ابن عباس فجعل يحدث ويقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل ابن عباس لا يأذن لحديثه ولا ينظر إليه، فقال: يا ابن عباس ما لي لا أراك تسمع لحديثي؟، أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسمع؟.
فقال ابن عباس رضي الله عنهما: إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتدرته أبصارنا وأصغينا إليه بآذاننا، فلما ركب الناس الصعب والذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف.
وروى بإسناده (1/ 15) عن محمد بن سيرين رحمه الله قال: لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم.
قلتُ: وقد انتهج فضيلة الشيخ رياض السعيد نهج الأئمة في نقد الأسانيد، ولم يأتِ بأمرٍ محدثٍ جديد، فطلب تحقيق صحة الإجازات ببينة تثبت بها الرواية، وتطمئن بها القلوب، خاصة عندما ركب الناس الصعب والذلول في ميدان الإجازات، ودخل في ميدانها أقماع القول، وجهلة بني آدم، وأهل التشبع بكثرة الأسانيد، ومحاكاة أهل العلو، مع تزايد بلية التلقين.
وعطَّلوا في مقابل ذلك ما هو أهم من تعلم التوحيد والسنة، ودعائم الشريعة، وتعليمها الناس.
فصنيع الشيخ رياض السعيد يُشكر ولا يُكفر، وبعد ذلك يكون كلامه محل النظر بين القبول والرد، وكلٌّ يُدلي بحجته، والحق أحق أن يُتبع.
وكما سبق في البيان أن النقد في سماع الشيخ أو إجازة شيوخه له لا يلزم منه الطعن في أمانته.
وخلاصة القول: أن فضيلة الأخ الشيخ رياض السعيد لا يستحق ما قوبل به من بعض الفضلاء من تطاول لا يليق أن يقابل مثلُه بمثلِهِ!، فالكلام في الأسانيد قائمٌ ما دام في الوجود رواية ونقل، غير أن الوصية لكل من تصدر للكلام في هذا الباب يستحضر مراقبة الله تعالى فيما يقول، وأن يتكلم بالبينة نفياً وإثباتاً، وأن يعلم ما يوجب الجرح مما لا يوجبه، واحترام رأي الآخر، وعدم رده بغير بينة يرد بمثلها خيره، والله المستعان وعليه التكلان وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه
بدر بن علي بن طامي العتيبي
21 محرم 1430 هـ
¥