تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي رجوعِ أكثرِ أسانيدِ علماءِ هذه البلادِ الهندية وغيرها من أمصارِ المسلمين في زماننا هذا إلى طريقٍ واحدٍ ومخرجٍ واحدٍ وهو العلامةُ الدرَّاكةُ النبيلُ المُحَدِّثُ المُجَدِّدُ الشيخُ الإمامُ الشاه ولي الله الدهلويُّ رحمه الله حكمةٌ بالغةٌ؛ فإن عِلْمَ الحديثِ ومذهبَ الْمُحدِّثين لم ينتشر في هذه البلاد إلا في القرن العاشر أو بعده بقليل، فإنه بعد مُضِيِّ الصَدْرِ الأولِ الفاتحينَ ودُخُولِ الناس في دينِ الله أفواجاً؛ لم يلبثْ أن تسرَّبَ مع المسلمين منهم ما رسخ في نفوسهم من آثارِ وبقايا العقائد والمذاهبِ الفاسدة التي أُشْرِبَتْها قلوبُهم في الجاهلية؛ فانتشرت النِّحَلُ المبتدعةُ والمذاهبُ المخترعَةُ في العقائدِ والفقه والسلوكِ؛ فأما العقائدُ؛ فقد صرَّح العلماءُ والمؤرِّخونَ كعُبيدِ الله السندي في تعليقِهِ على بعض كتابات المؤرخ ذكاءِ الله الدهلوي بأنّ مذهبَ وِحْدَةِ الوُجُود من المذاهبِ التي كانت رائجةً في الديانات الهندية الكافرة؛ كَما ذَكَرَ ذلكَ مُصَنِّفُ كِتابِ (قِصَّةِ الحضارَة) في المجلدِ الثانِي من كتابهِ، وحَكَى الدهْلَويُّ المؤرخُ أنّ من آثاره تأخرَ استقرارِ الإسلام السياسي في الهند إلى القرن السابع الهجري!، فلا جرمَ أنْ وَجَدَتْ كتبُ ابنِ عربِي عليه من الله ما يستحقُّ كالفتوحات والفُصُوص رواجاً عجباً!.

وكانت العنايةُ بالثاني أكثر؛ فَكَثُرَ تَدْرِيسُهُ وتقْرِيرُ مَذْهَبِهِ في وحدة الوجود؛ كما في ترجمة عبد الرزاق بن أحمد العلويِّ الرازي الْجَهَنْجَانَوِيِّ مِنْ ولَدِ محمدِ بنِ الْحَنَفِيَّةِ؛ المتوفى في القرْنِ العاشر سنة (949)؛ سلكَ مسْلكَ ابنِ عربي؛ وكان يقول: إن وجودَ الْمُمْكِنَاتِ عينُ وُجُودِ الواجب!!؛ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا،

وعبد العزيز بن الحسن بن الطاهر العباسيُّ الدهلوي المتوفى سنة (975)؛ قرأ الفصوصَ وغيرَها من كتب القوم على المشايخ؛ وكان يُقَدِّمُ تدريسَ الفصوص وشروحِها على غيرها بعدَ ذلك؛ وتقريراتُهُ هي الكُفْرُ الصُّراحُ البَواحُ؛ بلغَ بها قولَه: ولهذا جاز للواصل أن يقول: أنا الحق!؛ وأن يقول: سبحاني ما أعظم شاني إلى غير ذلك. انتهى. نعوذ بالله من الضلالة ونبرأ إليه من الكفر وأهله، وله (الرسالة العَيْنِيَّةُ في الرد على الغَيْرِيَّةِ) يردُّ بها على عبد الملك بن عبدِ الغفور البَانِي بَتِّيِّ (بالباء الفارسية المعقودة)؛ وعبدُ الملك هذا كان معاصراً لعبدِ الرزاق السابقِ ذِكْرُهُ، ولعبدِ العزيز هذا وكان على مذهب ابن عربي أيضا؛ وله رسالةٌ في إثباتِ الأَحَدِيَّةِ؛ لكنه كان يقول: الواجبُ تعالى وتقدس وراءَ الْمُمْكِنات؛ إلا أن المغايرةَ بحسبِ الحقيقَةِ غيرُ مُمْكِنَةٍ؛ فلا بد أن يكون بحسبِ التعَيُّنِ والتَّقَيُّدِ؛ فلا جَرَمَ أن يكون له سبحانه وتعالى تَعَيُّنٌ؛ ولأفرادِ العالَمِ منَ الرَّوْحانِيَّاتِ والجسمانيات تعيناتٌ أُخر. انتهى كلامُهُ بِحُرُوفِه؛ وهو دَفْعُ ضَلالَةٍ بمثلِها لأنه تَصْرِيحٌ بأنَّ حقيقةَ الخالق والمخلوقِ واحدة؛ نسأل الله السلامة والعافية، ووفاةُ عبد الملك في سنة (957).

وقد قرأ عبد الملك الفصوص على مودود بن أبي مودود الحنفي المتوفى سنة (937).

وكما في ترجمة أَفْضَلَ بنِ أمين الْحُسَيْنِيِّ الرِّفاعِيِّ من أهلِ القرنِ الثاني عشر وكانت له عنايةٌ بتدريسِ الكتاب.

بل رأيتُ في بعض المواضع من درَّس الفصوصَ في هذه البلاد أربعينَ!؛ وليس يحضرني الآنَ ذكره.

والعنايةُ بإسناد الكتابِ مع بعض شروحه عن الشيوخ؛ كما في ترجمة عبيد الله السنديلوي وهو من شيوخ العِشقية الشطارية من أهل القرنين العاشر والحادي عشر.

كما كثر التصنيف في شرحه فَمِمَّنْ شرحه علي بن شهاب الدين حسن بن محمد الأمير؛ المعروفُ بابن شهاب الهمدانِي المسعودي؛ سافر إلى الهند وتوفي بِها سنة ست وثمانين وسبعمائة.

وشرحه علي بن أحمد المهائِمِيِّ المتوفى سنة (835) من أهل الدكن بالهند؛ وكان قائلاً بقولِ ابن عربي الذي يسميه بعضهم بالتوحيدِ الوُجُودي!؛ وهو الشركُ الوجودي؛ والله المستعان.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير