تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعندما أُلْغِيَت الجامعة الطبيّة، ولّت الجامعةُ أساتذتها مسؤوليّات متنوعة، كانت تتفق ومؤهلاتهم العلميّة وخبراتهم الدراسيّة. وكان نصيب الشيخ الحكيم عزيز الرحمن رحمه الله الانضمام إلى "أكاديميّة شيخ الهند" كباحث وكاتب في الموضوعات التي تروقه؛ فألّف كتابه القيم باللغة الأرديّة "مناقب الإمام الأعظم أبي حنيفة". ثم ارتأى المجلس الاستشاري بالجامعة في دورته المنعقدة في صفر 1409هـ أن يحيله إلى المعاش نظرًا لشيخوخته، فأنفذ رئيس الجامعة الشيخ مرغوب الرحمن قرارَ المجلس في 22/ صفر 1409هـ (6/ سبتمبر 1988م) وقَرَّرَ له راتبًا تقاعدًا رمزيًّا، حتى وافته المنيَّةُ في شهر الله الفضيل رمضان المبارك الذي تُفْتَح فيه أبوابُ الجنان. غَفَرَ الله له ورَفَعَ درجاته في جنّته العليا، وأَلْهَمَ أهلَه وذويه ومحبّيه الصبرَ والسلوانَ.

وخَلَّف رحمه الله وراءه أخويه: الشيخ الدكتور سعيد الأعظمي الندوي، والدكتور مسيح الرحمن الأعظمي، وابنه الصالح العالم الشيخ محي الدين طيب وابنته. وكلاهما ذوا أولاد. حفظهم الله جميعًا مع الصحة والعافية والتوفيق لكل خير.

وقد كان رحمه الله يملك قلمًا سيَّالاً في الكتابة والتأليف، إلى جانب براعته في التدريس، وصَدَرَ من تاليفاته ما يلي:

الطبّ النبوي، مآثر الإمام الأعظم، الأمراض الصدريّة، كتاب الرحمة، ترجمة الشيخ الفراهي، ترجمة عطّار، ترجمة أبي هريرة رضي الله عنه، أُسُس الإعجاز العلمي، إفريقيا الخضراء، ختام المسك، معجم الطب: الإنجليزي – الأرديّ، المعجم الأردي العربي الإنجليزي، وهما عمل ضخم كبير أنفق فيه كثيرًا من الوقت والجهد، فهما من مفاخر أعماله العلميّة.

هذا ما عدا المُؤَلَّفات التي لم تصدر. ولئن مَات رحمه الله فإن هذه الأعمال العلميّة التأليفية، ستكون صدقةً جاريةً له، تزيد في حسناته، وتُعَظِّم أجرَه، وتُدِرُّ له الثوابَ إن شاء الله.

وقد كان سخيَّ اليد، رحبَ الصدر، متقيدًا بسنة النبيّ S في القيام بعمله بنفسه، حتى في حاله ضعفه ومرض وفاته. وكان صوّامًا قوّامًا، وقّافًا عند حدود الله، ظلّ يُحْيِى الليالي منذ شبابه حتى وفاته، وكان آلفًا مألوفًا، يُحِبّ ويَتَحَبَّب، ويُضْطَرُّ كلُّ مُلاَقٍ له إلى الاستئناس به، فالإنجذاب إليه، فالحبّ له، فالبقاء على حبّه؛ لأنّه كان يترك في زائريه وملاقيه انطباعًا جميلاً لايقبل الزوالَ والامِّحَاءَ.

وقد تَمَّ بيني وبينه تعارفٌ عندما كنتُ طالبًا في الجامعة الإسلاميّة دارالعلوم/ ديوبند، أدّى إلى تَوَطُّد الصلة بيني وبينه، وظلّ رحمه الله يشملني بعطف بالغ وحبّ صادق كأني من ذوي قرباه.

وبعطفه عليّ، واستخباره لأحوالي، صار لديَّ ممن كنتُ أرجع إليهم في الجامعة وأعتمد عليهم في التشاور فيما يتعلّق بمسيرتي الدراسيّة وحياتي الجامعيّة. وحَصَلَتْ لي مناسبةُ التعارف به رحمه الله بشكل مُصَادِفٍ؛ حيث كان يحدث الزِّحامُ أيّامَ الجمعة في دورات المياه والمغاسل في محيط السكن الطلابيّ الكبير المعروف بـ"الدار الجديدة" الذي كنتُ أسكن إحدى غرفه مع أبناء وطني من طلاب الجامعة فكنت أقصد أنا وبعضُ زملائي في الدراسة مضخةَ المياه اليدويّة المنصوبة في ناحية من مبنى "الجامعة الطبّيَّة" بجوار غرفته رحمه الله بمحيط "الجامعة الطبية" لنغتسل وننظف ملابسنا، فكان يستخبرنا الأحوال، ويسائلنا عن حالتنا التعليمية وصفرفنا الدراسيّة، وعن مَوَاطِننا وأُسَرنا، وربّما يأمر الطالبَ المُخَصَّصَ لخدمته بتقديم الشأي وما يلازمه من المأكولات الخفيفة إلينا. وهكذا تَعَمَّقَ رحمه الله في المعرفة بنا وتَوَسَّع، وأصبح بمنزلة وليّ أمرنا في تقديم النصح والمشورة، وعَلِمَ حرصَنا على الدراسة واجتهادَنا فيها، وظَنَّ أنّنا من الطلاّب الأذكياء، فظلّ يتعهّدنا بالرعاية والتربية؛ لأنّه كان يحبّ الطلابَ الأذكياء؛ لأنه بدوره كان ذكيّا ممتازًا. وأذكر أنه ذات يوم عَلِمَ أننا نتناول الوجبات الغذائية التي تُقَدِّمها الجامعة لكل طالب منتظم؛ فأشار علينا أن نحترز منها ونشتريها بتقديم فلوس مطلوبة من عندنا؛ لأن هذه الوجبات إنما تُقَدِّمُها الجامعةُ مما تحصل عليه من التبرعات الشعبية التي تُشَكِّل مَبَالِغُ الزكاة فيها عادةً نسبةً كُبْرَى3، ومبالغُ الزكاة هي في الواقع أدران أموال

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير