[دراسة نقدية في تحقيق كتاب " شفاء الصدور في زيارة المشاهد والقبور " لمرعي بن يوسف]
ـ[لطفي بن محمد الزغير]ــــــــ[02 - 12 - 05, 07:48 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وسلام على رسوله ومصطفاه وبعد:
فهذه قراءة نقدية لتحقيق كتاب ((شفاء الصدور في زيارة المشاهد والقبور)) لمرعي بن يوسف المقدسي، كتبتها قبل عدة سنوات عندما نشطت لتحقيق الكتاب قبل أن يخرج محققاً على يد الأستاذ عادل الجطيلي، وهائنذا أخرجها الآن ليستفيد منها من يقرأ في النسخة المطبوعة من شفاء الصدور. والنسخة المشار إليها هي التي حققها الأستاذ عادل الجطيلي وطبعت في مكتبة الصحوة بالكويت سنة 1990 - 1991م.
توطئة:
إن المتصدي للتأليف أو التحقيق عليه أن يعلم أنه إنما يعرض عقله على الناس، كما ذكر ذلك الخطيب يرحمه الله، ولهذا فينبغي له أن يتأنى قبل الإقدام على عمل من هذا القبيل غاية التأني، وليعلم أنه سيقرأ هذا الكتاب المحب، والمبغض، والعالم، ومن هو دونه، فلا يظنن من كتب كتاباً، أو حقق نصاً أن كل من سيقرأ ما كتب سيثني على صنيعه، ويرى فيه إبداعاً لم يأت بمثله الآخرون، بل عليه أن يتوقع التجني قبل الإنصاف، والله نسأل أن نكون من أهل الإنصاف وأن يبعدنا عن التجني والاعتساف.
والذي دعاني لهذا القول ما نراه في صنيع كثيرين من محققين ودور نشر من جنايات على العلم والعلماء، إذ إنهم إما يتصرفون في الكتاب تصرفاً قبيحاً يذهب ببهائه وصورته التي أرادها المؤلف، أو تحقييق لنصٍ يزيد في الغموض وتوعير الطريق على القارئ بدلاً من تسهيلها وحل مشكلها، أو بإثقال الكتاب بالحواشي والتعليقات التي لا تفيد في أصل موضوع الكتاب شيئاً، اللهم إلا في زيادة المردود المالي لدار النشر والمحقق، إذ قد يكون الكتاب في علم الفقه أو الحديث أو التوحيد، وغالب تعليقات المحققين لا تمت لهذه العلوم بصلة، فقد تكون في باب التراجم، أو إضافة ما لا يلزم.
والمحقق الموفق هو الذي نظر لحاجة الناس أولاً لهذا النص المحقق، ثم ضبط نصه وأتعب نفسه في تقريبه إلى الصورة التي أرادها المؤلف، وأبان غوامض ما في النص، ووثق المنقولات فيه حسب الأصول. وهناك مسالك لمحققين في العصر الحديث تجعل الإنسان يقف مذهولاً،ويتمتم محسبلاً ومحوقلاً، وليس هذا مكان استقصاؤها.
أما الكتاب الذي أردت تقديم هذه الدراسة عنه فهو كما قدمت ((شفاء الصدور في زيارة المشاهد والقبور)) للإمام مرعي بن يوسف الكرمي المقدسي، وعند الرجوع إلى جهد المحقق عادل الجطيلي في هذا الكتاب نجده قد اقتصر على أمرين وهما:
1 - الترجمة للأعلام الواردين في الكتاب.
2 - تخريج الأحاديث المرفوعة، وعزو الآيات، ولم يزد على هذين الأمرين شيئاً ومع ذلك سطَّر على غلاف الكتاب: (دراسة وتحقيق) ..... وعند التدقيق في عمله نجده عارياً عن الدراسة والتحقيق، بل حتى لم يقم بترجمة الأعلام وتخريج الأحاديث حق القيام كما سأبين.
فالدراسة تعني أنَّ المحقق قد قام بدراسة مادة الكتاب المراد تحقيقه وتعرض لتحليل موضوعاته؛ بحث مسائله، وتعمق فيها، وأبدى الرأي إما موافقاً أو مخالفاً لصاحب الكتاب، وأهم من ذلك التعرض لمسائل الخلاف وعرض الأقوال والاجتهادات فيها، والخروج بخلاصة بناء على اجتهاده، وهذا كله لم يتعرض له المحقق بأدنى جهد ٍ.
أما التحقيق فإنَّ له مراحل؛ أولها: ضبط النَّص وإخراجه صحيحاً سليماً كما أراده مؤلفة، مراعياً فيه قواعد الإملاء الحديث، وهذا كله يكون بالاعتماد على أصلٍ وثيق لمخطوط متقن، والأفضل أن يكون بخط صاحبه، أو قرئ على صاحبه، وإن عُدم هذا وذاك فعلى مخطوط مقابل بمخطوط آخر، وهذا موجود في عمل الأستاذ عادل الجطيلي، إذ إنه اعتمد على نسخة كتبت في عصر المؤلف، ويُظن أنها بخطه، وعليها تصحيح بقراءتها على المؤلف.
وثاني مراحل التحقيق: تخريج النصوص من القرآن الكريم، والحديث الشريف والآثار والأشعار، والترجمة للأعلام، والملاحظ أنَّ المحقق لم يقم إلا بتخريج نصوص الآيات والأحاديث المرفوعة فحسب، وقام بالترجمة للأعلام الواردين في الكتاب، وبقية الأمور لم يتعرض لها، ومع ذلك فما قام به عليه ملاحظات كثيرة كما سأبين.
¥