تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومما كتبه في الرد عليه: نقل النووي عن الأرموي مقرًّا: (مسألة: كلام الله ليس إلا الحروف والأصوات المفيدة (1) لأمور الشرع المنَزلة على النبي صلى الله عليه وسلم بنظم القرآن. وهو الموجود بين أظهرنا، الذي نتلوه بألسنتنا، وتحفظه أولادنا، ونكتبه في مصاحفنا، وليس لله كلام سواه، هذا مذهبنا، وبه قال الإمام الشافعي -رضي الله عنه- على ما نقل عنه أنه قال: من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو كافر (2)).

انظر الرد في الهامش.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وهنا عرف كلام الله -تعالى- بخلاف منهج السلف؛ فهذا فيه أن المعنى ليس جزءً من الكلمة؛ بل هو ما تفيده، وأن الكلمة هي اللفظ أو الصوت والحرف. وهو أيضًا على العكس من مذهب الأشاعرة -الذي فيه أن الكلام هو: (المعنى وحده) دون اللفظ، أو الحرف والصوت - بينما في هذا التعريف -عنده- هو: الحرف والصوت القديمان، وهذا هو تعريف الكلمة عند كثير من النحويين، وقد رده شيخ الإسلام ابن تيمية، لأن مذهب السلف هو أن الكلمة هي اللفظ والمعنى، لا اللفظ -وحده- الذي أفاد المعنى. قال -رحمه الله-: (فإن الناس لهم في مسمى الكلام أربعة أقوال: قيل إنه اسم للفظ الدال على المعنى، وقيل للمعنى المدلول عليه باللفظ، وقيل اسم لكل منهما بطريق الاشتراك، وقيل اسم لهما بطريق العموم، وهذا مذهب السلف والفقهاء والجمهور) (الفتاوى) (6/ 533) وانظر (الفتاوى) (12/ 67) و (درء التعارض) (12/ 67).

وهذا -الذي نصره المؤلف- هو قول السالمية -من المتصوفة أتباعِ بنِ سَالمٍ شَيْخِ أَبِي طَالِبٍ الْمَكِّيِّ-. ومن مذهبهم: أن للحروف والأصوات اقترانًا ثابتًا لذواتها، وأن السين لا تسبق الباء، ولها معنى قائمًا بالمتكلم. ليجمعوا بذلك بين موافقة ابن كلابٍ والسلف!.

قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: (ومن هؤلاء من عَرَفَ أن الله تكلم بالقرآن العربي والتوراة العِبرية، وأنه نادى موسى بصوت، وينادي عباده بصوت، وأن القرآن كلام الله -حروفه ومعانيه- لكن اعتقدوا مع ذلك أنه قديم العين، وأن الله لم يتكلم بمشيئته وقدرته، فالتزموا أنه حروف وأصوات قديمة الأعيان -لم تزل ولا تزال- وقالوا: إن الباء لم تسبق السين، والسين لم تسبق الميم، وأن جميع الحروف مقترنة بعضها ببعض اقترانًا قديمًا أزليًا لم يزل ولا يزال، وقالوا: هي مترتبة في حقيقتها وماهيتها، غير مترتبة في وجودها. وقال كثير منهم: إنها مع ذلك شيء واحد. إلى غير ذلك من (اللوازم) التي يقول جمهور العقلاء: إنها معلومة الفساد بضرورة العقل) (الفتاوى) (12/ 371) اهـ. ولكني أنبه إلى أن الأرموي -هنا والنووي تَبَعًا له- لم يصرح بدخول (المعنى) في التعريف؛ بل جعله (مستفادًا) فإن تعمد ذلك؛ كان تعريفه أبعد من قول السالمية! وهذا يوافقه اصطلاحُ بعض النحاة كما قدمتُ؛ عندما يُعَرَّف الكلام بأنه: (اللفظ المفيد) و (الكلام المصطلح عليه عند النحاه عبارة عن: اللفظ المفيد فائدة يحسن السكوت عليها) انظر: (شرح ابن عقيل على ابن مالك) (1/ 18) وغيره من الشراح والنحاة، نعم هم لم يُعَرِّفوا بذلك كلام الله -تعالى- ولكنهم لم يستثنوه من هذا التعريف.

وأما عند السلف فهو: اللفظ والمعنى جميعًا؛ لكن الكلام الذي سمعه جبريل حدث وقت سماعه، وكونه -سبحانه- يتكلم متى شاء؛ صفة قديمة أزلية أبدية؛ فكلامه قديم الجنس، حادث الآحاد، -كما قدمنا- فلله الحمد والمنة على توفيقه.

تنبيه: السالمية -في الأصل- على طريقة الكُلاَّبية؛ قال شيخ الإسلام: (وكذلك سلك طريقة ابن كلابٍ هذه أبو الحسن بن سالم وأتباعه) (الفتاوى) (12/ 367) ..................

تنبيه ثالث: قد يكون ما تقدم صعبًا على ذوي التعظيم للنحاة؛ ولكن كم استدرك شيخ الإسلام عليهم فليسوا أنبياء اللغة. مثاله المحاورة التي وقعت بين أبي حيان الأندلسي وشيخ الإسلام -في مسألة من العربية- فلما أورد أبو حيان كلام سيبويه؛ كأنه يحتج به، قال له ابن تيمية -رحمه الله-: «يفشر سيبويه، قال: أبو حيان وهذا لا يستحق الخطاب، ويقال: إن ابن تيمية قال له: ما كان سيبويه نبي النحو، ولا كان معصوماً، بل أخطأ في (الكتاب) في ثمانين موضعاً ما تفهمها أنت، فكان ذلك سبب مقاطعته إياه» كما في (الدرر الكامنة) (1/ 178).

(2) هذا هو قول الشافعي وسائر الأئمة؛ ولكن أين فيه ما قرره؛ من كون كلام الله -تعالى- ليس إلا الحروف والأصوات المفيدة؟! وبقية ما قرره.) انتهى.

* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *

إلى آخر ما انقده عليه -رحمه الله- وهو ضروري. وقد تكلم باختصار على التحقيق! وتسمية الكتاب مع التقليل من قيمة صحة النسبة فلينظر.

والمطلوب: هو العلم بأنه لا يجوز أن ينطلي هذا على طلبة العلم فلا عن أهله المشهورين بتقريرهم لمنهج السلف فضلا عن هذا التساؤل عن نسبة الكتاب إلى النووي الذي (حرصُ من جعله تراجعًا إلى قول السلف؛ لعله نابع من ضعف في شخصيته العلمية المنهجية، فهو يريد -بظنه- أن يُقَوِّيَ المنهج بكون (النووي) رجع إليه!! فلا حول ولا قوة إلا بالله) كما قال المؤلف.

أرجو أن ينفع سبحانه بهذه المشاركة المتواضعة.

والسلام عليكم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير