[حقا تكتب بما الذهب ينبغي على كل طالب علم أن يجتهد]
ـ[ابو عبدالله الرشيدي]ــــــــ[22 - 01 - 07, 12:00 ص]ـ
توجيهات للشيخ صالح آل الشيخ
ينبغي على كل طالب علم أن يجتهد في هذه الدورات في الحضور وفي المراجعة قبل وبعد، وأن يجعل هذه الأسابيع قليلة وسيلة للعبادة، بل ينوي بها التعبد في حضوره للعلم، وفيما يستعد له قبل وبعد، وهذا يعني أن تحض نفسك ومن تعرف ممن يمكنهم أن يحضروا ويحملوا العلم ويستمعوا إليه، أن تحضهم على حضور هذه الدورات سواء التي في هذا المسجد المبارك أم في غيره؛ لأن العلم مطلوب تحصيله، ومطلوب نشره.
وإن العلم لا ينتزعه الله -جل وعلا- ولا يرفعه من العباد هكذا نزعا، وإنما بموت العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوسا جهالا.
لهذا من أعظم ما أتعلم له، وكل محب لدين الله يتعلم له أن يسمع هذا الحديث، وينظر إلى قلة من هو جاد في طلب العلم، ويخشى أن يأتي زمان يتكلم في العلم من هو نتفة فيه يأخذ من هاهنا وهاهنا، ثم يتصدر بين الناس فيكون ممن قال فيه عليه الصلاة والسلام: حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا اتخذوا رؤوسا جهالا؛ لأنهم ظنوا أنهم علماء أو أنهم من أهل العلم فسئلوا وهم في الحقيقة جهلة لم يحصلوا من العلم ما به ترسخ أقدامهم فيه، ويرسخ قلبهم في فهم العلم في فهم كلام الله -جل وعلا- وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم- فسألهم الناس فأفتوا بغير علم؛ لأن علمهم إما معدوم، أو مشوَّش؛ فأفتو بغير علم فضلوا وأضلوا.
بهذا ينبغي أن تحتسب أنفاسك، وأن تحتسب عمرك في طلب العلم، وفي الحض عليه، وفي حفظه وفي تدارسه فهو أفضل أنواع الجهاد في هذا الزمان، فليس ثم نوع من أنواع الجهاد الذي يجاهد به أعداء الله -جل وعلا-، ويجاهد به الصد عن دين الله -جل وعلا- في هذا الزمان، بل وفي غيره مثل العلم؛ ولهذا -كما ذكرت لك- فضَّل العلماء طلب العلم على غيره من النوافل، واختلفوا هل هو أفضل من الجهاد النفل - التطوع - أم لا؟
والصحيح أن طلب العلم أفضل؛ لعظم آثاره ولعظم فضله، ثم إن طالب العلم ينبغي له أن يتأدب بآداب أهل العلم وحملة العلم ومحصليه، وهذه الآداب ذكرناها لكم مرارا في دورات سبقت، ولا بد من تعاهدها.
فمن أعظمها: أن يكون مجاهدا نفسه في الإخلاص لله -جل وعلا-، وفي أنه يكون ذا نية صحيحة في العلم، فالعلم عبادة، ولا يقبل إلا بنية صالحة، وبإخلاص لله -جل وعلا- كما قال نبينا -عليه الصلاة والسلام-: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى فكل امرئ له ما نواه، فإذا كانت نيته صالحة فإن عمله يكون عبادة مع توفر الشرائط الأخرى وانتفاء الموانع؛ لهذا من أعظم أسباب البركة في العلم أن تكون نيتك صالحة في العلم، ومعنى النية في العلم: أن تنوي رفع الجهل عن نفسك بما تتعلم، فالجاهل هو الذي يقول: العلم معروف، والأحكام معروفة والحمد لله، العقيدة معروفة، هذا كلام جهلة.
وأما الذي شذى طرفا من العلم فإنه كما قال عمر: "من قال أنا عالم فهو جاهل". يعلم أن العلم واسع كثير؛ ولهذا يصعب تحصيله في وقت قصير، بل وقت تحصيل العلم العمر كله، وقت تحصيل العلم عمرك كله من أوله إلى آخره.
ولهذا جاء: "اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد". قال العلماء: النية في طلب العلم تأتي مع العلم، كما قال طائفة من أئمة الحديث: طلبنا العلم وليس لنا فيه نية، ثم جاءت النية بعد؛ لأنه لما تعلم العلم علم أنه لا بد أن ينوي فيه نية صالحة، وأن يتقرب به إلى الله فنوى بعد أن تعلم.
وقال آخرون من أئمة أهل الحديث:
"طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله" يعني: أنهم حين طلبوه طلبوه لنوايا، قد تكون منافسة، وقد تكون مجاملة، وقد تكون، وقد تكون، لكنه أبى أن يكون إلا لله؛ لأن العبد الذي يريد رضا ربه -جل وعلا- إذا حضر العلم وسمع كلام الله -جل وعلا- وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وعلم معنى كلام الله وكلام رسوله فإنه لن يفر من الله إلا إلى الله -جل وعلا-؛ لتصحيح النية وتصحيح القلب، وإسلام الوجه والنفس لله -جل وعلا- وحده.
فإذن النية الصالحة في العلم أن تنوي رفع الجهل عن نفسك، ثم أن تنوي رفع الجهل عن غيرك، فمن استقام له هذان الأمران أو الأول منهما فهو على نية صالحة في العلم فيرجى له القبول، وهذا القصد وهذه النية تنفعك كثيرا إذا استحضرتها في العلم، وطالما نفعت غيرك في أنك إذا نويت رفع الجهل عن نفسك فإنك ستستحضر دائما أنك تجهل أشياء كثيرة، تجهل أشياء كثيرة في العقيدة، تجهل أشياء كثيرة في التوحيد، تجهل أشياء كثيرة في معنى كلام الله في القرآن، معنى كلام النبي -عليه الصلاة والسلام- في العبادات في المعاملات، العلم واسع فإذا أحسست بأنك تجهل كثيرا، وأنك تنوي وتجاهد على رفع الجهل عن نفسك فإنك ستجتهد أكثر وأكثر في طلب العلم وفي حفظه وفي مدارسته.
¥