تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[غثائية منهج طلب العم، والوسطية المنشودة فيه.]

ـ[أبو يحيى التركي]ــــــــ[28 - 11 - 06, 03:54 ص]ـ

كلمات على عجل أكتبها، لأني أرى أن الأمر جد خطير، فأقول وأعانكم الله على ما أقول:

كثير من الناس اليوم يهتم بالمنهج الدقيق، والمهيع الحقيق، لا الطريق الصفيق، ولا التخبط والنعيق، وقد نبه الأئمة على هذا الأمر، ولا تخفى قالة ابن عبد البر رحمه الله حيث قال:

)) طلب العلم درجات ومناقل ورتب، لا ينبغي تعديها، ومن تعداها جملة فقد تعدى سبيل السلف – رحمهم الله –ومن تعدى سبيلهم عامداً ضل، ومن تعداه مجتهداً زل ((وقد تتابع على مثل هذا الأئمة رحمهم الله، ومع أهمية هذا الأمر ووضوحه، إلا أن الناس في هذا الباب طرفان ووسط:

1 ـ طرف فرط للأسف فتجده يسير بلا منهج، بل بعضهم لا يعترف بالمنهج ولا يؤمن بالتدرج فتراه يوما يريد أن يصبح شيخ الإسلام فانكب باديء أمره على الفتاوى يتفقه فيها، والآخر يظن نفسه الدارمي فانكب على كتب أهل البدع كي يرد عليها، ويجمع مقاطع أهل البدعة كي يتندر بهم ويرد عليهم، ومن طريف ما حصل لي أني التقيت بمجموعة جعلت همها الشيعة وأقوالهم وأفعالهم و .. و ... ، فأخذت ورقا وزعته عليهم ثم فرقتهم ـ وكانوا قريبا من العشرة ـ طالبا منهم ذكر أركان الصلاة

ويا للعجب العجاب، ويا لسوء الحساب، لقد كان من جملة أركان الصلاة المضمضة والاستنشاق!!! ووالله لم يأت بالأركان كاملة ــ على ما في مذهب الأصحاب ــ إلا واحد فقط مع خلل يسير وعدم دقة في العبارة. أفلا شغلوا أنفسهم بما هو أولى لهم، بدلا من أن يشغلوها بأمر لا خير فيه، قال تعالى:

" وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم"

2 ـ وطرف غلوا فهذا كل يوم له منهج، وكل شهر يسأل عن المنهج، فهذا يسأل عن أبرز كتاب يبتديء به في الفقه فيقال له: دليل الطالب، فيبدأ به إلى أن يصل منتصف الطهارة فإذ به يسمع أن المناسب هو الزاد مع كثرة المسائل فيطلّق الدليل، ويذهب للزاد فيصعب عليه ويتركه بعد فترة، ويرجع للدليل فإن تمت العدة استأنف، وإن لم تنته أكمل إن استطاع أن يكمل.

وهذا يسأل عن التفسير المناسب للمبتديء فيقال له الجلالين ويسمع من ينعت له ابن كثير، وآخر يمتدح السعدي، فيمكث سنوات لا يدري بم يبدأ، وكل يوم يسأل بم يبدأ. أسألك بالله أخي أن تبدأ.

وحدثني أحدهم قال: جاءني طالب في الصف الأول الثانوي يسألني عن منهج طالب العلم فبينته له، ثم مرت سنوات وسنوات ـ أكثر من سبع سنوات ـ فجاءني بعد تخرجه وتعيينه وتدريسه يسألني: يا شيخ ما منهج طالب العلم؟!!! مصيبة

3 ـ وهم الوسط من عرف المنهج فساروا فيه من غير قلق أو تردد واثقين من أنفسهم، متكلين قبل ذلك على خالقهم. فهنيئا لهم.

الأمر الذي أنبه عليه أن المنهج أمر يعرفه كل إنسان، فمن منا اليوم لا يعرف ما يبدأ به طالب العلم في النحو، ومن منا لا يعرف ما يبدأ به الطالب في العقيدة والتوحيد، أو الفقه والتفسير.

في الملتقى ألف مرة يسأل عن المبدوء به في التفسير مثلا والخلاف بيننا في كتب ثلاثة:

الجلالين، ابن كثير، السعدي، وربما يدخل معها ابن جزي، والسائل والمتحير في الأمر يعرف هذه الكتب، فلم يسأل، فيا أخي كف عن السؤال وابدأ، ابدأ ........

أصبحت المنهجية أمرا يصد عن العلم، وصارت المنهجية غثائية وفوضوية علمية بدلا من أن تكون ترتيبا علميا، فتجد درسا في الزاد يمكن له حضوره فلا يحضره بحجة أن المنهجية هي أن يبدأ بالدليل، وإن كان الدرس في الدليل فلا يحضر لكون المنهجية أن يبدأ بالعمدة، وإن كان درس في الواسطية لم يحضر لأن البداءة بالأصول الثلاثة أولى!!! مع تباين موضوع الكتابين.

فإنا لله وإنا إليه راجعون، أصبحت المنهجية أعذار الرضيض، وصاحبوها كمُقَوْقية بيوض، سدوا الخير

على أنفسهم كما سد الطريق ابن بِيض.

واللبيب بالإشارة يفهم، والناظر للبدر ينعم، ومن جادل ومارى وظل في الطرف فليطرق كرى إن النعامة في القرى، ومعذرة ففي القلب لظى مما أرى.

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[28 - 11 - 06, 10:37 ص]ـ

أحسنت أخي الكريم

والمنهج أو الترتيب هذا أمر إضافي يختلف بحسب القدرات والملكات والطاقات، ويختلف بحسب العصر والمصر، ويختلف بحسب ما هو متاح للإنسان من مال ووقت، ويختلف بحسب ما يجد من الشيوخ.

وتجربتي مع هؤلاء الذين يكثرون من السؤال عن المنهج أنهم لا يفلحون، بل يظلون يدورون حول أنفسهم بهذه الطريقة، فهو يريد ألا يفعل شيئا إلا وهو مطمئن يقينا إلى أنه خطوة صحيحة، ولو كان هذا واجبا على الإنسان لما وُجِدَ عالمٌ في الوجود، ومن لا يخطئ لا يصل، وقديما قالوا: من لا يخبط لا يعوم.

ولذلك تجد طريقة الشناقطة أن الطالب هو الذي يحدد المتن الذي يرتاح إليه ابتداء من بين المتون المتاحة عندهم؛ لأن القبول والارتياح النفسي من أهم الأسباب المعينة على التحصيل.

والإخوة يتغافلون أو ينسون أن هذه المتون ليست هي الغاية المطلوبة، وإنما هي وسائل موصلة ومفاتيح للعلوم، فسواء عليك أبدأت مثلا بالآجرومية أم بالملحة أم بغيرهما فليس ذلك هو كل العلم، وليس ذلك إلا مفتاحا للعلم يعينك على فتح الباب فقط؛ لكي تلج بعد ذلك إلى عالم هذا العلم الواسع.

والله تعالى أعلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير