ادّعاء الاجتهاد مع الجهل، بدعوى أنْ: «لا كهنوتيةّ في الإسلام»:
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[27 - 12 - 06, 04:02 م]ـ
ادّعاء الاجتهاد مع الجهل، بدعوى أنْ: «لا كهنوتيةّ في الإسلام»:
يقول العلامة أبوالأعلى المودودي – رحمه الله تعالى -:
نشأت في أيّامنا وجهة جديدة للتفكير، تقول: أنْ لا كهنوتيّة في الإسلام، فليس للعلماء من اختصاص بالقرآن والسنّة والشريعة حتى يكون لهم وحدهم الحق في التعبير عنها، بل المسلمون جميعًا يتمتعون بهذا الحق معهم، وما عند العلماء من حجّة تجعل آراءهم أرجح من آرائنا، وأقوالهم أكثر وزنًا من أقوالنا في أمر الدِّين.
فمثل هذه الأقوال التي يتشدَّق بها الذين ما أوتوا أدنى حظ من معرفة القرآن والسنَّة، ولم يطّلعوا على النصوص الدينيّة، ولم يصرفوا يومًا من أيام حياتهم في الدراسة الوافية للدين وتعاليمه.
فبدلًا من أن يشعروا بقصورهم في معرفة تعاليم القرآن، ويبذلوا جهدًا في تداركه، أبوا إلا إنكار ضرورة هذه المعرفة، وأصرّوا أن يُتركوا وشأنهم ليشوّهوا وجه الدِّين الحنيف، ويموّهوا تعاليمه النزيهة بتأويلاتهم السخيفة من غير علم ولا معرفة.
ولعمر الحق! أنه لو تركت سَورة الجهل على حالها تشتدّ وتثور، لا بيعد غدًا أن يقوم غدًا رجل منّا، فيقول: أنْ لا قضاء في الإسلام، فيجوز لكل أحد من الناس أنْ يدلي برأيه في القانون، ولو لم يكن يعرف منه الألف والباء.
ويقوم بعده رجل آخر، ويعلن: أنْ لا هندسة في الإسلام، فمن حق كل رجل أن يتكلّم في الهندسة، ولو لم يكن على أدنى معرفة بمبادئها.
ثم يقوم بعده رجل ثالث، ويعلن: أنْ ليس هناك حاجة إلى حذق في مهنة الطب، فيشرع في معالجة المرضى ومداواتهم من غير أن يكون على صلة بالطب.
وليت شعري! ما الذي جعل هؤلاء يُمعنون في السفاهة، وتسوّل لهم نفوسهم أن يُخادعوا الأمة، ويظنّونها مُصَدّقة لآرائهم الواهية، وأقوالهم الباطلة؟!.
نعم لا جرم أنه لا كهنوتيّة في الإسلام، ولكن هل يعلم هؤلاء اليوم ما معنى ذلك؟!
إنما معناه: أن الإسلام ليس كاليهوديّة، حتى ينحصر فيه علم الشريعة والقيام على الخدمات الدينية في سبط من الأسباط، أو قبيلة من القبائل، ولم يفرق فيه – كما في المسيحية – بين الدين والدنيا، فتكون الدنيا للقياصرة، ويكون الدين للرهبان والأحبار.
ولا ريب – كذلك – أنْ لا اختصاص لأحد بتفسير القرآن والسنّة والشريعة، وأنه لا ينحصر العلماء في سلالة خاصة من السلالات، أو أسرة معينة من الأسَر، فلا يكون إلا لأفرادها يتوارثونه كابرًا عن كابر، ولهم وحدهم أن يتحدثوا باسم الدين، ويجتهدوا في تعاليمه دون سائر المسلمين.
فكما أنه من الممكن لكل أحد من الناس أن يكون محاميًا إذا درَس القانون أو مهندسًا إذا درس الهندسة أو طبيبًا إذا درس الطبّ، فكذلك يجوز في الإسلام لكل فرد من أفراد المسلمين إذا درس القرآن والسنّة، وصرف جانبًا من أوقاته وجهوده في تلقي علمهما أن يتكلم في مسائل الشريعة.
وهذا هو المعنى الصحيح المعقول إنْ كان هناك معنى لانعدام الكهنوتية في الإسلام.
ليس معناه أن الإسلام كالألعوبة في أيدي الأطفال، يجوز لكل من شاء من الناس أن يعبث بأحكامه وتعاليمه ويصدر فيها آراءه، كما هو الشأن في أقضية أعلام المجتهدين وفتاواهم، ولو لم يكن قد بذل أدنى سعي في فهم القرآن والسنّة والتبصّر فيهما.
وإذا لم يكن مقبولًا ولا معقولًا أن يدّعي المرء أنه مرجع في أمر من أمور الدنيا من غير علم به، فما بالنا إذن نقبل في أمر الدين ادّعاء هؤلاء القوم الذين يتكلّمون فيه من غير معرفة بأصوله ومبادئه؟. اهـ (1)
ـــــ
(1) «نظريّة الإسلام وهديه في السياسة والقانون والدستور»: ص205 - 207.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[17 - 11 - 07, 08:03 ص]ـ
سبحان الله!
انتشر هذا المرض في هذا العصر، ولا سيما بعد هذا الفتح العظيم في نشر العلم على الشبكة.
ولا شك أن هذا النشر عظيم الفائدة، وله أهمية بالغة لطلبة العلم، ولكن الدواء العظيم قد يكون له (آثار جانبية).
وآية هؤلاء أن تجد ديدن الواحد منهم إنكار الإجماع، والاعتراض على الفحول من أهل العلم، ودعوى تقديم النصوص على آراء الرجال، فإذا فاتشته وباحثته: هل عندكم من علم فتخرجوه لنا؟ أخرج لك كيسه المليء بالنتف والأخلاط، المليئة بالأمراض والشبهات، ولا يفوته أن يدعم رأيه بكلام لأهل العلم يقتطعه من سياقه (أن المتقدم لا يقدم لتقدم زمانه، والمتأخر لا يؤخر لتأخر زمانه)!!
(أردت رفعه للعبرة)
ـ[أبو رحمة السلفي]ــــــــ[17 - 11 - 07, 08:37 ص]ـ
سبحان الله!
انتشر هذا المرض في هذا العصر، ولا سيما بعد هذا الفتح العظيم في نشر العلم على الشبكة.
ولا شك أن هذا النشر عظيم الفائدة، وله أهمية بالغة لطلبة العلم، ولكن الدواء العظيم قد يكون له (آثار جانبية).
وآية هؤلاء أن تجد ديدن الواحد منهم إنكار الإجماع، والاعتراض على الفحول من أهل العلم، ودعوى تقديم النصوص على آراء الرجال، فإذا فاتشته وباحثته: هل عندكم من علم فتخرجوه لنا؟ أخرج لك كيسه المليء بالنتف والأخلاط، المليئة بالأمراض والشبهات، ولا يفوته أن يدعم رأيه بكلام لأهل العلم يقتطعه من سياقه (أن المتقدم لا يقدم لتقدم زمانه، والمتأخر لا يؤخر لتأخر زمانه)!!
(أردت رفعه للعبرة)
جزاك الله خير الجزاء
ونسأل الله الثبات على الحق.
¥