تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فلذلك أنا لست من هواتها، فإن كان ولابدّ: فعليك يا شيخ سليم بزلابية بوفاريك، من باب دفع الضرر الأكبر بالضرر الأصغر.

محبكم

أبو وائل حسّان شعبان

الشيخ أبو يزيد المدني

بارك الله فيك أخي حسّان, وإن كان الحنين إلى زلابية بوفاريك بالذات لا يبرح جوفي, واسأل الله اجتماعا قريبا بالزلابية البوفاريكية.

والعرب كان لهم ولع شديد بالزلابية, كما تشهد على ذلك اشعارهم.

قال ابن الرومي في وصف الزلاّبية (وهم صنّاع الزلابية):

ومُستقرٍّ على كرسيِّه تَعِبِ ........ روحي الفداءُ له من مُنْصَبٍ نَصِبِ

رأيته سحراً يقلي زلابيةً ........ في رقَّةِ القِشْر والتجويف كالقَصَبِ

كأنما زيتُه المَغْليُّ حين بدا ........ كالكيمياء التي قالوا ولم تُصَبِ

يُلقي العجينَ لُجيناً من أناملهِ ........ فيستحيلُ شَبابيطاً من الذهبِ

وقال الشهاب المنصوري في وصف بديع وشوق كبير للزلابية:

وما بيضاء حمراء الأهاب ........ منقبة تزور بلا نقاب

معراة تعوض جسمها من ........ ثياب الشراب أثواب الشراب

مهفهفة لها خصر رقيق ........ تتيه به على الخود الكعاب

تزان باعين نجل وتجلى ........ بحسن أنامل لدن رطاب

عجبت لها تنعم في شقاء ........ من الدنيا وتعذب في عذاب

لها خدر تصان به منيع ........ مهاب عند ذي البطش المهاب

إذا أشتقنا إليها ذات يوم ........ قليناها وذاك من العجاب

فنسمع من غناها كل صوت ........ يداوي كل ذي قلب مصاب

إذا ما أنعشت بالوصل شيخاً ........ ترد إليه أيام الشباب

ومع ذا بيننا كانت حروب ........ ولم يك لي حسام غير ناب

حتى علماءالسلف رحمهم الله كانت لهم عناية بالزلابية وما يتعلّق بها من أحكام, فقد وجدت يوما مخطوطا بعنوان: "الاحتساب على الزلاّبية"

ومن أقوال العلماء التي ظفرت بها في كلامهم عن الزلابية, قول الإمام الشيزري في كتابه: "نهاية الرتبة الظريفة في طلب الحسبة الشريفة"في مقلي الزلابية, قال:

"الباب الثامن في الحسبة على صناع الزلابية.

ينبغي أن يكون مقلى الزلابية من النحاس الأحمر الجيد، فأول ما يحرق فيه النخالة، ثم يدلكه بورق الصلق إذا برد، ثم يعاد إلى النار، ويجعل فيه قليل من عسل، ويوقد عليه حتى يحترق العسل ثم يجلى بعد ذلك بمدقوق الخزف، ثم يغسل ويستعمل، فإنه ينقى من وسخه، وزنجاره.

ويكون ثلث دقيق الزلابية ناعما وثلثاه سميدا خشكنانيا؛ لأنه إذا كثر فيه السميد زادت الزلابية بياضا، وخفة في الوزن، ونضجا غير أن السميد يشرب من الزيت أكثر من الناعم، فلهذا يكرهونه، وأجود ما قليت به الشيرج، فإن لم يكن فالزيت الصافي.

ولا يشرع في قليها حتى يختمر عجنها، وعلامة اختمارها أنها تطفو على وجه الزيت، والفطير منها يرسب في أسفل المقلى، والمختمر أيضا يكون مثل الأنابيب، إذا جمعتها في كفك اجتمعت، والفطير تكون مرضوضة، وليس فيها تجويف.

ولا يجعل في عجينها ملح؛ لأنها تؤكل بالعسل؛ فتغثى النفس إذا كانت بالملح، وأما سواد الزلابية فقد يكون من وسخ المقلى، وقد يكون دقيقها ناعما لا سميذ فيه، أو تكون مقلوة بالزيت المعاد، وهو الذي قلي به، وربما تكون فطيرا فتسود، وربما جارت عليها النار لسوء الصناعة؛ فيعتبر عليهم المحتسب جميع ذلك.

وينبغي أن تصنع سلالما صغارا لطافا كل أربعين منها رطل، ومتى حمض عجينها جعله الصانع خميرا".

وأظنها لو طبخت بوصفة الشيرازي فستتفوق طعما وجمالا على الزلابية البوفاريكية, وهذه دعوة لمهرة الطباخين أن يأخذوا بوصفة الشيرازي في طهي الزلابية.

وقال المعبرون: من رأى في المنام أنه يأكل زلابية, فإنه يرزق بلهو وطرب ونجاة من المضرة.

فهنيئاً لآكل الزلابية.

محبكم: أبو يزيد المدني

الأخ الفاضل أبو وائل

أضحك الله سنّك والله ما استطعت أن أعلّق

رفعت رايتي البيضاء، بعد أن غدت الزلابية، سلفية، وكنت أظنها بدعة محدثة، لله درّك يا شيخ سليم لقد أتحفتنا بهذه التحف، وياليت الشيخ عبد الحليم يطلع على ماقيل، فيجود علينا بماتمليه قريحته،

وإليك الخط يا شيخ سليم، هل لك في قلب اللوز شيء

الشيخ أبو يزيد المدني

أواه أواه إني تذكرت والذكرى مؤرقة ...... أكلاً لذيذاً بأيدينا خمشناه.

أخي حسّان لقد هاجت الأشجان, بالحديث عن الزلابية, فكيف إذا كان الحديث على قلب اللوز, الذي تهف النفس إليه هفوفاً, وتحنّ له الأحشاء حنيناً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير