تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فأنت في المسجد مسلم فقط، لا يوجد لك رتبة عسكرية، ولا رتبة علمية كالدكتوراه مثلاً، ولا رتبة اجتماعية كعضوية غرفة التجارة، بل أنت في المسجد مسلم، فيجب أن تجلس حذاء أخيك المسلم دون أي تفرقة، فلا يجوز لك في المسجد تخطي رقاب الناس، أما إذا كنت في احتفال أو في دائرة فقد تمتلك مرتبة خاصة، فالمدير العام له غرفة خاصة كما له طاولة خاصة و مقعد خاص، أما الموظفون الآخرون فلهم غرفهم الخاصة، و المستوى فيها أقل، فالمراتب في الدنيا تتفاوت، أما في المساجد فكل المسلمين عند الله سواء، فهم سواسيةٌ كأسنان المشط، فالمساجد لله، والذين فيها عبادٌ من عباد الله.

إن الإنسان في المسجد الحرام مثلاً لا يمكن أن يخطر في باله أنه في السعودية أبداً، فلا يذكر إلا أنه في بيتٍ من بيوت الله، في داخل المسجد الحرام، فلا تشعر أنك في بلد، لأن هذا بيت الله، وكذلك حال أي إنسان يدخل إلى بيت من بيوت الله في أي مكان من العالم فنراه ينسى في أية دولة هو، لأنه في بيت من بيوت الله، و تقريباً لهذا المعنى أقول: يعد بناء السفارة في العرف الدُبلوماسي جزءاً من البلد التي تمثِّلُه، وهذا المسجد هو بيت الله، فهو يعدُّ جزءاً من مقدسات المسلمين، فالمسجد لا يُمَلَّك أبداً، فليس في الإسلام إنسان يملك مسجداً، فمن الممنوع أن تبني فوقه، و بحسب الأحكام الفقهية يمنع أن يكون تحته شيء، فهي أرضٌ حرة لا شيء تحتها ولا شيء فوقها، لأنه بيتٌ من بيوت الله.

قال تعالى ..

أي إنها بقاع مقدسة جداً، فالدعوة فيها لله وحده، فليس فيها في آراء ولا انتماءات، ولا في فكر معين ولا مصالح، ولا نزوات، كما أن هذه المساجد ليست لأشخاص ولا لجماعات ولا لفئات.

حكم فقهي:

سأعرض لكم الآن حكماً فقهياً يقول: إذا أغلقت أبواب المسجد وألقيت فيه خطبة الجمعة كانت الخطبة باطلة، فلو اخترنا الجامع الأموي وهو من أكبر المساجد في بلدنا، وأظن أنه يتسع لمائة ألف؛ فالصحن يتسع لخمسين ألفاً، والحرم يتسع لخمسين ألفاً آخرين، فلو اجتمع في هذا المسجد مائة ألفٍ ثم عيَّنا أعظم خطيبٍ لهم ليلقي خطبة الجمعة، ثم أغلقنا الأبواب، كانت الخطبة باطلة، لأن المساجد لله، فأيُّ عبدٍ لله له أن يدخل المسجد، ولا يوجد عندنا مسجد مغلق، أو مسجد خاص لفئة معينة أو لجماعة معينة، أو مسجد خاص للمذهب الفُلاني، أو خاص بالاتجاه الفلاني، هذا لا يوجد ..

إن هذا بيت الله، فهل تستطيع أن تمنع مسلماً من دخول مسجد، من أنت ومن أين أنت حتى تفعل ذلك؟ إن هذا بيت الله، يدخله كل مسلم من أي انتماء، وأريد من هذا التفصيل، أن تعتقدوا أن هذا البيت بيت الله، وأن الدعوة لله، وأن الأسلوب مستقى من كتاب الله، وأن الأهواء والمراتب العلمية والحجم المالي توضع خارج المسجد، فأنت هنا مسلم، وتتحقق هذه المساواة في الصلاة، وقد جاء في الحديث أن خير الصفوف أولها، فقد تجد إنساناً يعمل حاجباً فهو في المرتبة الدنيا الاجتماعية، ثم تجد إلى جانبه شخص كبير جداً في المرتبة الاجتماعية، أما في المساجد فلا يوجد أماكن خاصة، لأن المساجد لله وكل من فيها عباد الله، فالمساواة تتحقق في المساجد، أما في الدوائر فهناك مدير و معاون مدير ورئيس دائرة و موظف و كاتب و ضارب آلة كاتبة و مراسل و (آذن) و حاجب، أما في المسجد فكل هؤلاء عند الله سواء، فلا يجوز للإنسان أن يتخطى رقاب الناس في المسجد، كما لا يجوز له أن يقول: هذا المكان مكاني، فلا يوجد في المسجد حجز أماكن، ولا مقاعد مرقمة، بل القاعدة في ذلك: اجلس حيث ينتهي بك المجلس.

ثلاثة استثناءات:

إن الصلاة في بيت الله الحرام بعشرة آلاف صلاة فيما سواه، والصلاة في المسجد النبوي بألف صلاة فيما سواه، فقد قال عليه الصلاة والسلام:

" صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ "* (من صحيح البخاري عن أبي هريرة)

أي أن الصلاة عند رسول الله بألف ثواب، وفي تتمة الحديثٍ يقول:

" إِلا الْمَسْجِدَ الْحَرَام َ".

وفي جاء حديثٍ آخر:

“ صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فإن صلاةً فيه خيرٌ من مائة صلاةٍ من مسجدي هذا ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير