فالصلاة عند رسول الله بألف، وهي في بيت الله الحرام مضروبة بمائة، فهي تساوي: مائة ألف، وقد مر بكم من قبل أنه:
" لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسْجِدِ الأَقْصَى "*
(من صحيح البخاري عن أبي هريرة)
نرجو الله سبحانه وتعالى أن نعود إليه ..
أما بقية المساجد فهي عند الله سواء، فليس من السنة أن تشد الرحال إلى مسجد في حلب، ولا إلى مسجد آخر في أي مكان من العالم الإسلامي، لأن المساجد كلُّها -عدا المسجد الحرام، و المسجد النبوي، والمسجد الأقصى - سواءٌ عند الله عزَّ وجل.
جواز نسبة المساجد إلى غير الله تعريفاً:
قال العلماء: إن المساجد وإن كانت لله ملكاً وتشريفاً، فإنها قد تنسب إلى غيره تعريفاً، أي: قد تنسب إلى من بناها، أومن أشرف على بنائها.
استثناء فقهي:
وهناك استثناء فقهي آخر، فقد قال العلماء: إن المساجد لله عزَّ وجل و لا يذكر فيها إلا الله، ورغم ذلك فإنها تجوز فيها قسمة الأموال - أي: الغنائم - ويجوز فيها وضع الصدقات، ويجوز فيها حبس الغريم، وربط الأسير، وسكنى المريض، وفتح الباب للجارِ إليها، وهذه بعض الاستثناءات التي أقرها العلماء.
بعض الأدعية المعلقة بالمساجد:
لقد كان عليه الصلاة والسلام إذا دخل المسجد يدعو ويقول: "اللهم أنا عبدك وزائرك وعلى كل مزورٌ حقٌ وأنت خير مزور فأسألك برحمتك أنت تَفُكَّ رقبتي من النار ".
وهناك دعاء مختصر عنه يقول: "اللهم افتح لي أبواب رحمتك ".
فالرحمات تتنزل على المسلمين في المساجد، فإذا خرجت من المسجد فقل: " اللهم افتح لي أبواب فضلك ".
فعندما تكون في المسجد تتنزل عليك الرحمات، أما عندما تكون خارج المسجد فإنك تسأل الله من فضله، فأنت في حالين: إما طلب رحمة الله وأنت في بيته، أو طلب التوفيق في عملك وأنت خارج المسجد.
فإذا خرج من المسجد قدَّم رجله اليسرى وقال: " اللهم صُبَّ علي الخير صباً ولا تنزع عني صالح ما أعطيتني أبداً ولا تجعل معيشتي كداً واجعل لي في الأرض جداً أي غنىً ".
و هذا دعاء النبي عليه الصلاة والسلام وهو خارج المسجد.
بعض آداب المساجد:
إن من أهم آداب المسجد أنه:
" مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ -يَعْنِي الثُّوم-َ فَلا يَأْتِيَنَّ الْمَسَاجِدَ * “
(من سنن الدارمي عن ابن عمر)
وهناك حديث آخر يقول:
"مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الْبَقْلَةِ الثُّومِ و قَالَ مَرَّةً: مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ فَلا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ
(من صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله)
فيجب أن يكون المسلم على أكمل وجه عندما يأتي إلى بيت الله، فإذا دعيت إلى عقد قِران في صالة فماذا تفعل؟ إنك ترتدي أجمل ثيابك، و تتعطر، و تحاول أن تظهر بأبهى منظر، فهذه العناية ينبغي أن تكون في بيتٍ من بيوت الله، فيجب عليك أن تبتعد عن أي شيءٍ يؤذي المسلمين، فقد يكون هناك أشخاص متفاوتون في طباعهم، فهناك إنسان يتأذى مثلاً من ثياب غير نظيفة يرتديها مصلٍ، وقد يتأذى من رائحة العرق أو رائحة الثوم، فينبغي عليك أن تبتعد عن أية رائحةٍ من فمك أو من أعضائك أو من ثيابك يتأذى منها المسلمون.
وقد ورد في بعض الأحاديث يقول عليه الصلاة والسلام:
" يأتي الله يوم القيامة بمساجد الدنيا كأنها نجائب بيض قوائمها من العنبر وأعناقها من الزعفران ورؤوسها من المسك وأزِمَّتها من الزبرجد الأخضر، والمؤذنون فيها يقودونها وأئمتها يسوقونها وعُمَّارها متعلقون بها، فتجوز عرصات القيامة كالبرق الخاطف فيقول أهل الموقف: هؤلاء ملائكة المقربون وأنبياء مرسلون فينادى بهم: ما هؤلاء من ملائكةٍ ولا أنبياء ولكنهم أهل المساجد والمحافظون على الصلوات من أمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم ".
فإذا أكل الإنسان من هذه الشجرة فلا يقربن المسجد، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: " فلا يقربنْ مصلانا " يوجد عندنا حديث آخر يقول عليه الصلاة والسلام فيه:
" إن الرجل ليكذب الكِذْبة فيتباعد عنه الملك من نتن ريحه ".
¥