تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(سورة الجن: آية " 18 ")

المساجد لله:

أوحي إليَّ: أنه استمع نفرٌ من الجن، وأن المساجد لله.

فقد كان مما أوحي إلى النبي عليه الصلاة والسلام أن المساجد لله؛ أي: إن هذه البقاع في الأرض التي يُعْبَد الله فيها و تؤدَّى فيها الصلوات و يعلّم فيها العلم، هي لله وحده، لا لجهةٍ، ولا لفئةٍ، ولا لشخصٍ، و معنى أنها لله؛ أي: لا يجوز أن تكون الدعوة في المساجد إلا لله، فلا تقام فيها علاقة تجارية كالبيع والشراء، كما لا تقام فيها دعوة إلى إنسان ..

أيها الإخوة الكرام ... يقول عليه الصلاة والسلام:

" خير البلاد مساجدها، وشرُّها أسواقها ".

ففي الأسواق تُعرض الدنيا بأبهى شكلٍ وزينة، أما المساجد ففيها الآخرة، وإن حياة الإنسان مرتبطة بمعرفة الله و الاتصال به، فأين يعرف الله؟ إنه يعرفه في المسجد، كما أن حياة الإنسان مرتبطة بالعلّم، فأين يتعلّم؟ إنه يتعلمه في المسجد، فإذا كنت في المسجد كنت في المكان الذي يذكرك بالآخرة والعلم، كما يذكرك بالله عزَّ وجل و طاعته، وقد ورد في الحديث القدسي:

" إن بيوتي في الأرض المساجد، وإن زوارها هم عمارها، فطوبى لعبدٍ تتطهر في بيته ثم زارني وحُق على المزور أن يكرم الزائر"

فإذا كنت في بيتٍ من بيوت الله كنت في ضيافة الله، وضيافة الله عزَّ وجل ليست في طعام تأكلّه، أو شراب تشربه، ولكنها أمنٌ يملأ قلبك و توفيقٌ في عملك و صحةٌ في رؤيتك و توازنٌ في حياتك، فعطاء الله عزَّ وجل لا يقدَّر بثمن.

حب المساجد من علامات الإيمان:

لقد ورد في الحديث قوله:

" من أحب الله عزَّ وجل فليحبني، ومن أحبني فليحب أصحابي، ومن أحب أصحابي فليحب القرآن، ومن أحب القرآن فليحب المساجد ".

أي: إن من علامة إيمانك أنك تحب الله و رسوله و أصحابه، و أن تحب القرآن والمساجد، لذلك جاء في الحديث أنه من كان يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان، فمن أين استنبط النبي عليه الصلاة والسلام هذه الأحاديث؟ من قوله تعالى:

(سورة التوبة: آية " 18 ")

إن من علامات إيمانك أن ترتاح في المسجد، كما أن من علامات ضعف الإيمان أن تتضايق في المسجد، فالمؤمن في المسجد كالسمك في الماء، أما غير المؤمن من المسجد فهو كالعصفور في القفص لشدة تضايقه.

“ من أحب الله عزَّ وجل أحبني ومن أحبني فليحب أصحابي ومن أحب أصحابي فليحب القرآن ومن أحب القرآن فليحب المساجد فإنها أفنية الله عزَّ وجل “.

إن أبنية المساجد أذن الله في رفعها وبارك فيها، فهي ميمونةٌ - مباركةٌ - ميمونٌ أهلها، محفوظةٌ محفوظٌ أهلها، فعندما يكونون في صلاتهم يكون الله عزَّ وجل في حوائجهم، وعندما يكونون في مساجدهم يكون الله عزَّ وجل من ورائهم، فحينما تقتطع وقتاً من وقتك الثمين للمجيء إلى المسجد و سماع درس علّم أو أداء صلاة أو ذكرٍ لله عزَّ وجل، فإن ثمن هذا الوقت الذي اقتطعته من وقتك أن الله عز وجل يكون في حاجتك بينما أنت في المسجد، فأنت في المسجد والله من ورائك بالتوفيق والتأييد والنصر والحفظ، فالمساجد المخصوصة لله عزَّ وجل، و العبادة فيها تضيء لأهل السماء كما تضيء النجوم لأهل الأرض، فأنت عندما تنظر من الأرض إلى السماء ترى النجوم متألقة، وإن هذه المساجد كأنها نجوم الأرض تضيء لأهل السماء، فالمساجد فيها الحق، و فيها الذكر والأمر بالخير والنهي عن الشر و التعريف بالحلال و الحرام، و فيها الطريق الموصل إلى الله عزَّ وجل وهو طريق سعادة الدنيا والآخرة، لذلك كانت المساجد تتألق لأهل السماء كما تتألق النجوم لأهل الأرض، لكن أدق ما في هذين الحديثين هو قوله عليه الصلاة والسلام: هم في مساجدهم والله في حوائجهم ..

وقد قال عليه السلام:

" من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته فوق ما أعطي السائلين".

قال الله عزَّ وجل:

(سورة الفرقان: آية " 63 ")

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير