تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أي إنها بقاع مقدسة جداً، فالدعوة فيها لله وحده، فليس فيها في آراء ولا انتماءات، ولا في فكر معين ولا مصالح، ولا نزوات، كما أن هذه المساجد ليست لأشخاص ولا لجماعات ولا لفئات.

حكم فقهي:

سأعرض لكم الآن حكماً فقهياً يقول: إذا أغلقت أبواب المسجد وألقيت فيه خطبة الجمعة كانت الخطبة باطلة، فلو اخترنا الجامع الأموي وهو من أكبر المساجد في بلدنا، وأظن أنه يتسع لمائة ألف؛ فالصحن يتسع لخمسين ألفاً، والحرم يتسع لخمسين ألفاً آخرين، فلو اجتمع في هذا المسجد مائة ألفٍ ثم عيَّنا أعظم خطيبٍ لهم ليلقي خطبة الجمعة، ثم أغلقنا الأبواب، كانت الخطبة باطلة، لأن المساجد لله، فأيُّ عبدٍ لله له أن يدخل المسجد، ولا يوجد عندنا مسجد مغلق، أو مسجد خاص لفئة معينة أو لجماعة معينة، أو مسجد خاص للمذهب الفُلاني، أو خاص بالاتجاه الفلاني، هذا لا يوجد ..

إن هذا بيت الله، فهل تستطيع أن تمنع مسلماً من دخول مسجد، من أنت ومن أين أنت حتى تفعل ذلك؟ إن هذا بيت الله، يدخله كل مسلم من أي انتماء، وأريد من هذا التفصيل، أن تعتقدوا أن هذا البيت بيت الله، وأن الدعوة لله، وأن الأسلوب مستقى من كتاب الله، وأن الأهواء والمراتب العلمية والحجم المالي توضع خارج المسجد، فأنت هنا مسلم، وتتحقق هذه المساواة في الصلاة، وقد جاء في الحديث أن خير الصفوف أولها، فقد تجد إنساناً يعمل حاجباً فهو في المرتبة الدنيا الاجتماعية، ثم تجد إلى جانبه شخص كبير جداً في المرتبة الاجتماعية، أما في المساجد فلا يوجد أماكن خاصة، لأن المساجد لله وكل من فيها عباد الله، فالمساواة تتحقق في المساجد، أما في الدوائر فهناك مدير و معاون مدير ورئيس دائرة و موظف و كاتب و ضارب آلة كاتبة و مراسل و (آذن) و حاجب، أما في المسجد فكل هؤلاء عند الله سواء، فلا يجوز للإنسان أن يتخطى رقاب الناس في المسجد، كما لا يجوز له أن يقول: هذا المكان مكاني، فلا يوجد في المسجد حجز أماكن، ولا مقاعد مرقمة، بل القاعدة في ذلك: اجلس حيث ينتهي بك المجلس.

ثلاثة استثناءات:

إن الصلاة في بيت الله الحرام بعشرة آلاف صلاة فيما سواه، والصلاة في المسجد النبوي بألف صلاة فيما سواه، فقد قال عليه الصلاة والسلام:

" صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ "* (من صحيح البخاري عن أبي هريرة)

أي أن الصلاة عند رسول الله بألف ثواب، وفي تتمة الحديثٍ يقول:

" إِلا الْمَسْجِدَ الْحَرَام َ".

وفي جاء حديثٍ آخر:

“ صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فإن صلاةً فيه خيرٌ من مائة صلاةٍ من مسجدي هذا ".

فالصلاة عند رسول الله بألف، وهي في بيت الله الحرام مضروبة بمائة، فهي تساوي: مائة ألف، وقد مر بكم من قبل أنه:

" لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسْجِدِ الأَقْصَى "*

(من صحيح البخاري عن أبي هريرة)

نرجو الله سبحانه وتعالى أن نعود إليه ..

أما بقية المساجد فهي عند الله سواء، فليس من السنة أن تشد الرحال إلى مسجد في حلب، ولا إلى مسجد آخر في أي مكان من العالم الإسلامي، لأن المساجد كلُّها -عدا المسجد الحرام، و المسجد النبوي، والمسجد الأقصى - سواءٌ عند الله عزَّ وجل.

جواز نسبة المساجد إلى غير الله تعريفاً:

قال العلماء: إن المساجد وإن كانت لله ملكاً وتشريفاً، فإنها قد تنسب إلى غيره تعريفاً، أي: قد تنسب إلى من بناها، أومن أشرف على بنائها.

استثناء فقهي:

وهناك استثناء فقهي آخر، فقد قال العلماء: إن المساجد لله عزَّ وجل و لا يذكر فيها إلا الله، ورغم ذلك فإنها تجوز فيها قسمة الأموال - أي: الغنائم - ويجوز فيها وضع الصدقات، ويجوز فيها حبس الغريم، وربط الأسير، وسكنى المريض، وفتح الباب للجارِ إليها، وهذه بعض الاستثناءات التي أقرها العلماء.

بعض الأدعية المعلقة بالمساجد:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير