لقد كان عليه الصلاة والسلام إذا دخل المسجد يدعو ويقول: "اللهم أنا عبدك وزائرك وعلى كل مزورٌ حقٌ وأنت خير مزور فأسألك برحمتك أنت تَفُكَّ رقبتي من النار ".
وهناك دعاء مختصر عنه يقول: "اللهم افتح لي أبواب رحمتك ".
فالرحمات تتنزل على المسلمين في المساجد، فإذا خرجت من المسجد فقل: " اللهم افتح لي أبواب فضلك ".
فعندما تكون في المسجد تتنزل عليك الرحمات، أما عندما تكون خارج المسجد فإنك تسأل الله من فضله، فأنت في حالين: إما طلب رحمة الله وأنت في بيته، أو طلب التوفيق في عملك وأنت خارج المسجد.
فإذا خرج من المسجد قدَّم رجله اليسرى وقال: " اللهم صُبَّ علي الخير صباً ولا تنزع عني صالح ما أعطيتني أبداً ولا تجعل معيشتي كداً واجعل لي في الأرض جداً أي غنىً ".
و هذا دعاء النبي عليه الصلاة والسلام وهو خارج المسجد.
بعض آداب المساجد:
إن من أهم آداب المسجد أنه:
" مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ -يَعْنِي الثُّوم-َ فَلا يَأْتِيَنَّ الْمَسَاجِدَ * “
(من سنن الدارمي عن ابن عمر)
وهناك حديث آخر يقول:
"مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الْبَقْلَةِ الثُّومِ و قَالَ مَرَّةً: مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ فَلا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ
(من صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله)
فيجب أن يكون المسلم على أكمل وجه عندما يأتي إلى بيت الله، فإذا دعيت إلى عقد قِران في صالة فماذا تفعل؟ إنك ترتدي أجمل ثيابك، و تتعطر، و تحاول أن تظهر بأبهى منظر، فهذه العناية ينبغي أن تكون في بيتٍ من بيوت الله، فيجب عليك أن تبتعد عن أي شيءٍ يؤذي المسلمين، فقد يكون هناك أشخاص متفاوتون في طباعهم، فهناك إنسان يتأذى مثلاً من ثياب غير نظيفة يرتديها مصلٍ، وقد يتأذى من رائحة العرق أو رائحة الثوم، فينبغي عليك أن تبتعد عن أية رائحةٍ من فمك أو من أعضائك أو من ثيابك يتأذى منها المسلمون.
وقد ورد في بعض الأحاديث يقول عليه الصلاة والسلام:
" يأتي الله يوم القيامة بمساجد الدنيا كأنها نجائب بيض قوائمها من العنبر وأعناقها من الزعفران ورؤوسها من المسك وأزِمَّتها من الزبرجد الأخضر، والمؤذنون فيها يقودونها وأئمتها يسوقونها وعُمَّارها متعلقون بها، فتجوز عرصات القيامة كالبرق الخاطف فيقول أهل الموقف: هؤلاء ملائكة المقربون وأنبياء مرسلون فينادى بهم: ما هؤلاء من ملائكةٍ ولا أنبياء ولكنهم أهل المساجد والمحافظون على الصلوات من أمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم ".
فإذا أكل الإنسان من هذه الشجرة فلا يقربن المسجد، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: " فلا يقربنْ مصلانا " يوجد عندنا حديث آخر يقول عليه الصلاة والسلام فيه:
" إن الرجل ليكذب الكِذْبة فيتباعد عنه الملك من نتن ريحه ".
فعلينا هنا أن نوسع الموضوع، فلو كان هناك الإنسان يكذب ثم دخل المسجد فإن له ريحاً منتنة يتأذَّى منها الملك، فالأكمل لك ألا تدخل بيت الله إلا وأنت منيبٌ إلى الله، وطاهر داخلاً وخارجاً، قلباً وقالباً، سراً وعلانيةً ..
(سورة الشعراء)
يقول عليه الصلاة والسلام:
" إن هذه المساجد إنما هي لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن ".
إنما: أداة قصر، أي: لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن، فلذلك كان على الإنسان أن يحتاط كثيراً و أن يتأدب كثيراً لأن الله تعالى قال:
(سورة الحج)
والنبي عليه الصلاة والسلام يقول أيضاً:
" إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيءٌ من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن ".
فقد سمع سيدنا عمر رضي الله عنه صوت رجل في المسجد فقال: ما هذا الصوت؟ ثم قال لصاحب الصوت: أتدري من أين أنت؟ وقد كان خلف ابن أيوب جالساً في مسجده، فأتاه غلامه يسأله عن شيءٍ فقام وخرج من المسجد وأجابه خارج المسجد .. أرأيتم إلى هذا الأدب؟ إنه من شدة ورع السلف الصالح، أنهم كانوا لا يجيبون عن سؤال دنيوي إلا خارج المسجد، فالمساجد إنما هي التسبيح والذكر وقراءة القرآن.
¥