تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وواجبُ المؤمنُ أن يُحبَّ ما يُحبُّه الله. وأن يكره ما يكرهه الله.

قال ابن القيم: وإنما الممدوح اقترانُ الغيرةِ بالعذر، فيغارُ في محل الغيرة، ويعذرُ في موضع العذر، ومن كان هكذا فهو الممدوحُ حقّاً.

يروى أن أعرابياً رأى امرأته تنظر إلى الرجال فطلّقها، فعُوتِب في ذلك، فقال:

وأتركُ حُبَّها من غيرِ بغضٍ ... وذاك لكثرةِ الشركاءِ فيه

إذا وقع الذباب على طعامٍ ... رفعت يدي ونفسي تشتهيه

وتجتنبُ الأسودُ ورودَ ماءِ ... إذا كنَّ الكلاب وَلَغْنَ فيه

وإذا رأيت ضعيف الغيرة فاعلم أنه أُصيب في مَقْتَل، وأن ذلك بسبب الذنوب.

قال ابنُ القيّمِ رحمه الله: ومن عقوباتِ الذنوب أنها تُطفئ من القلب نارَ الغيرة … وأشرفُ الناسِ وأجدُّهم وأعلاهم هِمَّةً أشدَّهم غيْرةً على نفسه وخاصته وعموم الناس، ولهذا كان النبي صلى الله عليه على آله وسلم أغيرَ الخلقِ على الأُمّة، والله سبحانه أشدُّ غيرةً منه.

والمقصودُ أنه كلما اشتدّت ملابستُهُ للذنوب أخرجت من قلبه الغيْرةَ على نفسه وأهله وعموم الناس، وقد تضعفُ في القلب جداً حتى لا يستقبح بعدَ ذلك القبيح لا من نفسه ولا من غيرِه، وإذا وصَلَ إلى هذا الحدِّ فقد دخل في باب الهلاك، وكثيرٌ من هؤلاء لا يقتصر على عدم الاستقباح، بل يُحسِّنُ الفواحشَ والظُلمَ لغيرِه، ويُزيِّنهُ له، ويدعوه إليه، ويحُثُّه عليه، ويسعى له في تحصيله، ولهذا كان الديوثُ أخبثَ خلقِ الله، والجنةُ عليه حرام وكذلك محللُ الظلم والبغي لغيره، ومزيِّنَه له.

فانظر ما الذي حَمَلَتْ عليه قِلَّةُ الغيرة؟!

وهذا يدُلُّكَ على أن أصل الدينِ الغيرة، ومن لا غيرة له لا دين له، فالغيرةُ تحمي القلب فتحمي له الجوارح، فتدفعُ السوءَ والفواحشَ.

وعدمُ الغيرةِ تُميتُ القلبَ فتموتَ الجوارحُ، فلا يبقى عندها دفعٌ البتّةَ …

وبين الذنوب وبين قِلّةِ الحياءِ وعدمِ الغيرةِ تلازمٌ من الطرفين، وكلٌ منهما يستدعي الآخر ويطلبه حثيثاً.

انتهى كلامُه رحمه الله، ولا مزيد عليه.

والمرأة عموما – أختاً أو بنتاً أو زوجة – تُريد من يغار عليها، ولكن بضوابط الغيرة التي تقدّمت.

وهذا ليس في نساء المسلمين فحسب، بل حتى في نساء الكفار!

وهذا مثال واحد أسوقه للعبرة:

هذه امرأة نصرانية تُدعى " شولو " هي امرأة متزوجة اكتشف زوجها أن لها علاقة مع رجل آخر، ولما طلب منها التوقف لم تكن مستعدة لذلك، فاقترحت عليه أن يجد فتاة يستمتع بها، فكان يحمل حقيبته الصغيرة ويترك البيت، ثم تعلّق على ذلك بقولها: كان شعور الحرية الذي منحني إياه زوجي جعلني أكرهه بدرجة أكبر، الأمر الذي أدّى إلى الطلاق.

(نقلاً عن كتاب أمريكا كما رأيتها للدكتور مختار المسلاتي)

فاحفظوا يا عباد الله أنفسكم وأهليكم، واعملوا على وقايتهم وأنفسكم من نار قعرها بعيد، وحرّها شديد.

قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)

وحفظ الفروج والأعراض من ضرورات الشريعة الإسلامية، ومن كُلّيّاتها.

ومن هنا جاء الثناء على الحافظين لفروجهم في غير موضع من كتاب الله، ومن سُنة نبيِّه صلى الله عليه على آله وسلم.

والله أعلم.

كتبه

عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

assuhaim@al-islam.com

ـ[أم يوسف العربي]ــــــــ[30 - 11 - 10, 03:09 م]ـ

السلام عليكم

بارك الله فيك .... لكن يبقى سؤالي للنقاش؟

ـ[أم يوسف العربي]ــــــــ[30 - 11 - 10, 03:20 م]ـ

على حسب ما فهمت ... فإن الذي يترك زوجته تخرج من البيت متبرجة يصح فيه وصف الديوث؟؟؟

ـ[طويلبة علم حنبلية]ــــــــ[30 - 11 - 10, 04:33 م]ـ

في " الموسوعة الفقهية " (31/ 340، 341):

ومَن لا يغار على أهله ومحارمه: يُسمَّى: " ديّوثاً "، والدّياثة من الرّذائل الّتي ورد فيها وعيد شديد، وما ورد فيه وعيد شديد يعدّ من الكبائر عند كثير من علماء الإسلام، جاء في الحديث: (ثلاثة لا ينظر اللّه عزّ وجلّ إليهم يوم القيامة: العاقّ لوالديه، والمرأة المترجّلة، والدّيّوث) - رواه النسائي (2561)، وصححه الألباني في " صحيح سنن النسائي " -. انتهى.

وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -:

عمَّن طلع إلى بيته، ووجد عند امرأته رجلاً أجنبيّاً فوفَّاها حقَّها وطلَّقها، ثم رجع وصالحها، وسمع أنها وُجدت بجنب أجنبيٍّ.

فأجاب:

في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم (أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمَّا خَلَقَ الْجَنَّةَ قَالَ: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا يَدْخُلُك بَخِيلٌ وَلَا كَذَّابٌ وَلَا دَيُّوثٌ)، والديوث: الذي لا غيْرة له، وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

(إنَّ الْمُؤْمِنَ يَغَارُ وَإِنَّ اللَّهَ يَغَارُ وَغَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِيَ الْعَبْدُ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِ) [متفق عليه]،

وقد قال تعالى: (الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ)، ولهذا كان الصحيح من قولي العلماء: أن الزانية لا يجوز تزوجها إلا بعد التوبة، وكذلك إذا كانت المرأة تزني لم يكن له أن يمسكها على تلك الحال، بل يفارقها، وإلا كان ديُّوثاً.

" مجموع الفتاوى " (32/ 141).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير