تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد وصف ابن تيمية أولئك الشيوخ بقوله: «هكذا شيوخ الدعاوى والشطح، يدَّعي أحدهم الإلهية، وما هو أعظم من النبوة، ويعزل الربَّ عن ربوبيته، والنبيَّ عن رسالته، ثم آخرته شحَّاذ يطلب ما يقيته، أو خائف يستعين بظالم على دفع مظلمته، فيفتقر إلى لقمة، ويخاف من كلمة؛ فأين هذا الفقر والذل من دعوى الربوبية المتضمنة للغنى والعزِّ؟» [13].

وفي غمرة الغفلات المتتابعة، وحظوظ النفس المتشعبة، وصخب الحياة الجسدية، فإن النفس لا تنفك عن الجهل والظلم، وحينئذٍ يعتدُّ الأشخاص بقدراتهم، ومواهبهم التي امتن الله بها عليهم، ويركنون إلى حولهم وقوَّتهم، ويدَّعي أحدهم بلسان الحال أو المقال أنه «العملاق» أو «سوبر مان».

بل إن اعتداد الشخص وثقته بنفسه وطاقته بعُجَرها وبُجَرها قد استحوذ على فئام من الدعاة، فلا تكاد تخطئ عينك كثرة الدورات والندوات في هذا الشأن؛ وغرق القوم في الالتفات والاعتماد على الأسباب الظاهرة المحسوسة، بل تجاوزوه إلى تعلُّق بأسباب مثالية موهومة. وأعقب ذلك ما نكابده من ضعف الأحوال الإيمانية: من الإخبات والخشوع والإنابة إلى الله - تعالى - بل ربما غاب ما يتعين استصحابه من فقرنا وفاقتنا، وضعفنا ومسكنتنا، وعجزنا وتفريطنا في جنب الله.

والناظر إلى الأئمة الأعلام لدى أهل الإسلام والسُّنة، وسيرهم وأحوالهم، لا تكاد تجدهم إلا أصحاب إخبات وانطراح بين يدي الله - تعالى - واعتراف بالذنب والتقصير، ويقين بالفاقة إلى الغني الحميد، سبحانه. فرحمة اللهِ على تلك الأرواح، لم يبقَ منهم إلا الأشباح.

وقدوتهم في ذلك رسول الله # الذي كان يقول: «سيد الاستغفار: اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت خلقتني، وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليَّ، وأبوء بذنبي فاغفر لي؛ فإنه لا يغفر الذنوب

< hr width="250" align="right" color="#000000"> (*) أستاذ مشارك في قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية - الرياض.

[1] انظر: المدخل، لابن الحاج: 2/ 355.

[2] المدخل: 2/ 355.

[3] أخرجه أبو نعيم في الحلية: 8/ 104.

[4] كشف الكربة في وصف حال أهل الغربة: ص 2.

[5] انظر: عقيدة السلف للصابوني: ص 297، والحجة للأصفهاني: 2/ 528.

[6] أخرجه مسلم.

[7] جامع العلوم والحكم: 1/ 260 = باختصار.

[8] انظر: الدعاء ومنزلته من العقيدة لجيلان العروسي: 1/ 183.

[9] انظر: مجموع الفتاوى: 10/ 108.

[10] انظر: العبودية لابن تيمية: ص80، وقاعدة في توحيد الألوهية لابن تيمية.

[11] انظر: قاعدة جليلة في التوسل: ص 66.

[12] الرد على الشاذلي: ص 11.

[13] منهاج السُّنة النبوية: 7/ 209.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير