ويتبنى الباحث ما أسماه بـ «مدرسة بلا صفوف»، وهو نظام تصبح المدرسة بموجبه وكأنها غرفة واحدة (وليست صفوفًا متعددة) لها منهاجها التعليمي، وتسير مع النظام السنوي أو الفصلي، مشيرًا إلى أن هذا النظام يتيح للطالب المتفوق أن يستمر في تقدمه حسب ما تؤهله له قدراته الخاصة، فلا تحول دون تقدّمه أية حواجز صفية، ودون الانتظار عامًا حتى يترفّع من صف إلى صف.
ويعتبر المؤلف أسلوب «عملية الانطفاء بالصدمة»، أو أسلوب «الممارسات السالبة»، من الأساليب التربوية التقليدية التي استُعملت منذ قرون، وأثبتت عدم نجاحها، مؤكدًا أن أسلوب الانطفاء بالصدمة لا يعتبر ثوابًا لما يقوم به الفرد، بل هو عقاب له، وكذلك فإن أسلوب الوسائل المنفّرة هو نوع من العقاب أيضًا.
ويشير الغول إلى أن هذه الأساليب بدئ بتجريبها على الحيوانات المحبوسة، وأن ما يمكن تطبيقه على الحيوان لا يمكن تطبيقه على الإنسان، بسبب تفاوت الذكاء بينهما، مؤكدًا أنه لا يوجد أفضل من المعززات الموجبة لعلاج العديد من الحالات المَرَضِيّة التي يقوم بها الإنسان، كالثواب بالمكافأة، والتشجيع، والتصفيق للمجتهد وغيرها.
ومن الطرائق التي يرى الغول أنها تساهم في علاج الأشخاص المصابين بسلوك غير سويّ، يذكر طريقة التعب، حيث يُجْبَر الطالب على ممارسة الفعل غير المرغوب فيه حتى يكرهه، وعندها يكفّ عن ممارسته. وكذلك طريقة التدرّج، أي اتباع خطوات مناسبة لتأكيد السلوك المرغوب فيه. وهناك أيضًا طريقة المثيرات غير المتكافئة. وهو يشير إلى أن هذه الطرق ليست أساليب منفرة، بل هي طرائق للتعلم بأساليب سالبة، وأن من أنجح هذه الوسائل في علاج بعض ظواهر السلوك غير السويّ لدى الطلاب هو إخضاع المريض لأسلوب الممارسة السالبة الذي يقوم على تعزيز الاستجابات غير المرغوبة، والمطلوب كفّها.
إلغاء النظريات
يلفت الغول إلى أن حلّ المشكلات عند المتعلمين لا يكون إلا بتوافر جميع الإمكانات من الوسائل التعليمية المشحونة ببرامج تعليمية هادفة، ووجود معلم تكنولوجي يتوافر فيه عدد من الشروط، منها توازن النسبة بين الوسائل التكنولوجية وعدد الطلاب، كالأجهزة، والكتب، وغيرها. كذلك توازن النسبة بين عدد الطلاب والمختبرات وأجهزتها، والتوازن بين عدد الطلاب والنفقات المخصصة للمدرسة، وإيجاد علاقة متبادلة بين الدوافع التي يبديها المعلم والدوافع التي ينقلها إلى تلاميذه، والاهتمام بالأطفال من قبل ذويهم وتعليمهم قيم الأمانة، والسلوك الجيد.
ويشدد المؤلف على أن «المعلم التكنولوجي» يستطيع صياغة مجموعة من النظريات من خلال تصوراته وإبداعاته التي يمتاز بها اعتمادًا على الواقع والمبادئ التي يؤيد التجريبُ صحّتَها، وهو قادر كذلك على بناء النظريات الصالحة لتنشئة الأجيال، لأنه يعرف مدى صدق نظريته، ومدى تجاوبها في نفوس المتعلمين، خصوصًا عندما يستعمل جميع الوسائل التي ينسج النظام بها، وبالتالي يصل إلى مفهوم واضح لطرح النظريات الصحيحة. ويحدد الباحث هذه الوسائل بـ «وسيلة الملاحظة» و «وسيلة التجربة»، و «وسيلة التطبيق». وهو يرى أن النظريات التي يضعها المعلم التكنولوجي ليست صالحة لكل زمان ومكان، بل هي قابلة للنقد والتعديل، وقد يضطر المعلم إلى وضع نظرية أخرى مماثلة، وإلغاء ما سبق له من نظريات، تماشيًا مع الحاجة إلى تطويرها أو تجديدها لصالح تربية المتعلمين بطريقة سليمة.
تقييم المدارس
ويعدّ الباحث مسألة «التقييم» من أكثر المسائل تعقيدًا في العملية التربوية، ذلك لأن «التقييم» يتضمن كثيرًا من العلاقات والجذور الاجتماعية، والعوامل الأخرى التي لا معنى لها إلا بالقرينة، بحيث يتعذّر فصل أي شكل من أشكال التقييم. وهو يرى أن التقييم الفعال يجري عندما يتأثر المعلم مباشرة بنشاط الطالب وعمله، داعيًا المعلم إلى أن يشعر بالمسؤولية لما قد يفعله التقييم للطالب، وما قد يفعله للمعلم نفسه، وأن يدرك جيدًا أن التقييم يساهم في نمو الطالب وتقدمه، وأنه لا يؤذيه أو يدمّره، بل يشجّعه ويعطيه فكرة عن التقدم الذي أحرزه. وهذا التقييم يجب أن يتم بطريقة موضوعية قدر المستطاع، إذ ليس من الإنصاف مثلاً، تقدير الطالب تقديرًا غير واقعي قد يدلّ على نجاح لم يحققه، أو على طاقات وإمكانات لا يملكها.
ويؤكد الباحث أنه من الضروري أن تُقَيَّم المدارس بين الحين والآخر، وأن يُعاد تقييم أهدافها التربوية، من أجل إيجاد حالة من التوازن والتفاؤل تجمع أطراف العملية التربوية، وهذا يعني إعادة النظر في مهمة المؤسسات التربوية التي ليست العملية التعليمية إلا جزءًا واحدًا منها.
المعرفة الأرشيفية
إدارة المدارس بلا أهداف ولا صفوف!