الوحدة العضوية: هي أن يكون النص نسيجا مترابط الأجزاء بحيث لا يمكن مطلقاً التقديم و التأخير بين أفكاره و إلا فسد جميعا و تتحقق هذه الوحدة العضوية بتوفر ثلاثة شروط في النص:
1) وحدة الموضوع.
2) وحدة المشاعر التي يثيرها الموضوع.
3) ترتيب الأفكار و الصور في ظل العنصرين السابقين بحيث تؤدي كل فكرة أو صورة وظيفتها الحيوية في بناء التجربة و بحيث تساعد على نمو العمل الفني و اكتماله فيها.
شمولية الأفكار: و هي أن يتناول الأديب جميع جوانب الموضوع فيتوسع في أفكاره و لا يغادر قضية إلى غيرها إلا بعد إتمامها تماماً حتى لا يترك مجالاً للسؤال كما قيل، و لهذه الشمولية أحد السببين و هما:
ـ دافع علمي: و هو روح الجد و البحث كما نجد ذلك عند العقاد حين حلل سيرة ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ـ دافع عاطفي: حين يتصاعد انفعال الأديب بموضوعه إعجاباً أو حنيناً أو حباً او حقداً أو غير ذلك فإنه يسهب و يتوسع في التفاصيل كما في كتاب الأيام لطه حسين الذي يسجل فيه سيرته الذاتية، إذ تعرض لأدق التفاصيل حتى الغلطة البسيطة على مائدة الطعام أيام الطفولة.
عمق الأفكار: الفكرة العميقة هي التي تتصف بصفتين:
1/ إنها تتجاوز حدود ألفاظها إلى معاني ندركها بالتأمل و التدبر.
2/ بعد إدراك معناها الواسع الذي بين السطور نشعر أنها تخلف لذة عقلية.
ومثال ذلك قول شوقي:
و لا يبني الممالك كالضحايا ... و لا يُدني الحقوقَ و لا يُحقُّ
ففي القتلى لأجيال حياةُ ... و في الأسرى فدًى لهمُ و عتقُ
ثانياً: العاطفة
مفهوم العاطفة: هي أهم عناصر الأدب، بل هي التي تميز بين الأدب و غيره لأن من خلالها يظهر التفاعل بين الأديب و موضوعه.
الحكم على العاطفة: يتناول ثلاث زوايا هي نوعها و قوتها و صدقها.
نوعها: تتنوع العواطف تنوع المواقف البشرية و نذكر منها على سبيل المثال:
ـ عاطفة إنسانية نبيلة محبة للخير و العمل الصالح.
ـ عاطفة فطرية متأصلة في النفس كحنان الأمومة و الأبوة و شفقة الأبناء على الوالدين و الأرحام.
ـ عاطفة اعتزاز ديني أو قومي أو وطني أو شخصي.
ـ عاطفة إعجاب بالمكارم أو البطولة أو بالجمال أو الجلال.
ـ عاطفة التحدي.
ـ عاطفة الإشفاق على البائسين و المعذبين.
ـ عاطفة الأسف أو الحزن، السخط و الغضب، الاحتقار و الكراهية.
و قد يتوفر النص على أكثر من عاطفة واحدة.
قوتها و حيويتها أو ضعفها و فتورها:
(و يندرج تحت ذلك كونها جياشة عنيفة أو رزينة هادئة)
1ـ تأثير النص فينا فإذا حرك عواطفنا و أهاج مشاعرنا فهذا دليل على قوة العاطفة عند مبدعه، أما إذا بقيت مشاعرنا إزاءه خامدة فتلك علامة ضعف عاطفته كما يقال فاقد الشيء لا يعطيه.
2ـ قوة الأسلوب و خاصة عنصر الخيال فإن له أهمية عظيمة في إثارة العواطف أكثر مما تثيرها الحقيقة المجردة كمثل حريق دمر عدة منازل أدى إلى وفاة عدد من الأشخاص فلا يثير فينا كما يثيرنا جزء من رواية خيالية تصور مأساة إنسان واحد.
3ـ ثباتها و استمرارها: فالعاطفة الحية القوية هي التي يبقى أثرها في نفوسنا زمنا طويلا و لا يضمحل عند تكرار قراءتنا أو سماعنا للنص عكس ذلك الأدب الذي يسمونه النقاد " أدب المناسبات " لأنه يظهر ممتعا إلا وقت المناسبة فقط ثم ينطفي بريقه.
صدقها: و ذلك عند تطابقها مع الشعور الحقيقي للأديب نحو موضوعه فإذا كان الأديب ينقل لنا ما تحسه نفسه حقاً كانت عاطفته صادقة فالصدق هنا فني كما يقول نقاد الأدب، و صدق عاطفة الأديب هو القاعدة أما الاستثناء فهو التزييف فيها و هذا حين نكتشف أن أغراضا غريبة عن الأدب هي التي دفعت الأديب أن يقول ما قاله كالمجاملة و التملق و ربما الحياء أو الطمع و نثير هنا سؤالين نراهما بحاجة لجواب مقنع:
الأول: كيف نستدل على زيف عاطفة الأديب؟
الجواب: أن ذلك إنما يكون عن طريق إحساس محلل.
الثاني: كيف نفسر قوة العاطفة و ظهورها بمظهر الصدق في بعض أدب التكسب و الشعر منه خاصة؟
الجواب: إن ذلك يختلف من حالة لأخرى:
ـ أن يكون الأديب معجبا حقا بممدوحه.
ـ أن يمر الأديب بحالة التقمص بحيث يحس أنه المتصف بالبطولة و الكرم لكنه يسجل ذلك باسم ممدوحه.
ـ أي يعبر الأديب عن قيم يؤمن بها لكنه عن طريق لفظ عابر يربطها بشخص يمدحه.
¥