ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[21 Jan 2009, 04:15 م]ـ
من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت
صدق عزمي بشارة أمس في الجزيرة حين قال إن الجرحى ليسوا 5000 بل ثلاثمئة مليون عربي مجروح في كرامته وكبريائه ونفسيته ووجوده. هذه نتيجة حرب غزة.
سيضطرنا دم الأطفال والنساء والمجاهدين أن نفكر في الأزمة كل لحظة، لا سيما أن إسرائيل ستعود لحرب المقاومة وليس لدى الحكومات المعنية خطة واضحة، بل لا تبدو تفهم ماذا يجري.
حكومة مصر وحكومة السعودية على الخصوص مطالبتان شرعا بالاعتراف بحماس
لأنها فازت بالانتخاب وهو اختيار الشعب. ولأن الاعتراف بها هو السبيل الوحيد لدعم
المقاومة.
حكومة سورية ذات موقف "أفضل" من مواقف غيرها فقد فتحت ابوابها لمليوني عراقي
وقد سمحت أول الأمر بدخول المجاهدين لولا مطالبة حكومات بلادهم بهم دعما لأمريكا
. توقفت حكومة سوريا حين تركها السعوديون والمصريون وحيدة. عار على العرب السنة
أن تدافع حكومات ليست عربية او ليست سنية عن قضايا الأمة المصيرية.
فـ"ـالعروبة" و"السنية" مكونان رئيسيان في هويتنا القومية. وكل من عاداهما أو
أحدهما أو خانهما وجب الحذر منه والعمل الدؤوب على إيقافه.
ولذلك يمكن ترتيب الأعداء وفقا لهما
إسرائيل العدو الأول لأنها تعادي المكونين معا
إيران العدو الثاني لأنها تعادي المكونين معا
الحكومات التي تتعاون مع الأعداء خائنة
وعليه تكون الحكومات العربية مختلفة في نوع الخيانة فقط
قسم يوالي العدو 1 وقسم يوالي العدو2.
الحكومة السورية لا تعد "السنية" مكونا رئيسا من مكونات"الهوية القومية"
وهذا يجعلها تتناقض مع الأكثرية.\
والحكومة المصرية تسكت عن تحديد "هوية مصر القومية". إذ يبدو على الكتلة الحاكمة
"شلة مبارك" أنها ترى أن من الأفضل جعل مصر بلا هوية وتخديرها بالمخدرات والفضائيات. وهذا يعني اتفاق مصري-سعودي على هذه الستراتيجية.
أما الحكومة السعودية وهي بدوية نجدية فقد سخرت ملياراتها لتخدير الأمة بفضائياتها
التسطيحية، وهي تظن أن أمريكا ستحميها من أي عدوان أيراني محتمل ولذلك سعت بكل جهدها الى إنهاء حماس. لأنها تريد الهدوء، فهي مكتفية بأن تكون مرتاحة في بحبوحة عيشها. ولما فشل اليهود تبرعت بمليار دولار لإعمار البيوت ورد ماء وجهها. لكنها لا تجرؤ أن تعلن عن ستراتيجية إنفاق المليار دولار.
هذه الأمور من فقه الكليات وأهل السنة يفتقدون فقهاء كليات
فمدارسهم تدرس فقه الجزئيات فقط وهذا سر سذاجتهم
لأن فقه الكليات يجر إلى السياسة ولا بد.
وهم أجبن وأقل قدرة أن يخوضوا في السياسة.
لكنهم سيضطرون ما دام "علماء" دين الفرس يتصلون"بصاحب زمانهم المختلق"
ويقررون لمقلديهم حتى ماذا يتابعون من فضائيات، سيضطر أهل السنة إلى أن يخوض علماؤهم في "فقه الكليات" لأنهم كانوا منذ نشأتهم ردّ فعل على الروافض والمعتزلة.
الموقف الوحيد المتناقض والمخزي لحكومة سوريا ولاؤها لإيران رغم استغلال الفرس
للمذهب الشيعي لنشر امبراطوريتهم الفارسية. وهذا امر يتناقض مع عروبة البعث
الحقيقية.
نحن اليوم أمام أعداء كثر من كل حدب وصوب
من جهة إيران التي سيطر أبواقها على العراق دون أن تفعل السعودية ومصر شيئا
لعودة عروبة العراق وإنقاذ شعبه من الانفصاليين الكرد والصفويي الولاء.
لا يحتج علينا احد بناس ليسوا سنة او ليسوا عربا
الفلسطينيون عرب سنة
وعار على كل عربي وكل سني أن يقتلوا على مرأى ومسمع منا
أرجو من كل أخ له علاقة بأصحاب القرار في حكومة السعودية أن يحثها على الاعتراف
بشرعية حماس وأن لا يراهنوا على عباس واسرائيل وامريكا لأن الشعب العربي في
السعودية وغيرها لن يسمح لإسرائيل أن تفعل مرة أخرى ما فعلت.
ولأن مصلحة الأمة ليس بوسع السياسة اخفاؤها ولو أنفقت ملء الأرض ذهبا
يبدو لي - بوصفي متابعا لحال الأمة- أن السياسيين قد فقدوا القدرة على اتخاذ القرارات الصائبة لأنهم تعودوا على الحكم والحركة بطيئة والأمور واضحة. أما اليوم فالحركة سريعة والخيوط مختلطة فهم يحتاجون إلى (منطق الهياكل المتقطعة) لتحديد الكلي والجزئي، وإلى تحليل سيميائي للمكونات. [ويبدو أن مستشاريهم مشغولون ببناء الفلل
التي يسرقونها عن أن يركزوا تفكيرهم لبناء خطة ذات جدوى.]
وهذا دور الفلاسفة المغاربة لأنهم "فقهاء الكليات"
أما فقهاء الجزئيات فلا غنية لهم في موضوع لا يفقهون فيه شيئاً.
أظن أن الحكام البدو يختارون حتى مستشاريهم على اسس بدوية (تقدم مجرد الولاء على
الفكر والإمكانية)
وهذا يجعل الأمة منكوبة بطريقة مضاعفة. نعرف ذلك من تخبطهم غير المحتمل.
إن نجاح الطريقة البدوية في جانب من جوانب الحياة لا يعني صلوحها لكل جوانبها
وهذا ما سيؤدي إلى كارثة حتمية من وجهة نظري المتواضعة.
نسأل الله تعالى أن يأخذ بيد صالحي الأمة ومصلحيها إلى ما فيه خيرها وعزها ورشادها
وقبل أن أختم أود أن أقول
مطلوب من فقهاء الكليات تأصيل (الهوية القومية) في (العقيدة) بالتعاون مع حفظة النصوص لأن الناس متشتتة الولاء وكتب العقيدة القديمة والمقتبسة منها لم تعد تلبي حاجة العصر. ولعلها تشترك مع مفهوم الولاء والبراء.
¥