وهنا سؤال: لو كان يستطيع أن يصلي قائماً لكنه لا يستطيع أن يكمل القيام إلى الركوع، بمعنى: أن يبقى قائماً دقيقة أو دقيقتين ثم يتعب ويجلس، فهل نقول: اجلس وإذا قارب الركوع قم، أو نقول: ابدأ الصلاة قائماً وإذا تعبت اجلس؟
الجواب: هذا فيه تردد عندي، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حين أخذه اللحم كان يصلي في الليل جالساً فإذا بقي عليه آيات قام وقرأ ثم ركع. وهذا يدل على أنك تقدم القعود أولاً ثم إذا قاربت الركوع فقم.
لكن يرد على هذا أن النفل يجوز أن يصلي الإنسان فيه قاعداً، فإذا قارب الركوع قام.
والفريضة الأصل فيها أن يصلي قائماً، فنقول: ابدأها قائماً ثم إذا تعبت فاجلس، لأنك ربما تعتقد أنك لا تستطيع القيام كله، ثم تقدر عليه، فنقول: ابدأ الآن بما تقدر عليه وهو القيام، ثم إذا عجزت فاجلس، وهذا أقرب.
لكني أرى عمل الناس الآن في المساجد بالنسبة للشيوخ والمرضى، يصلي جالساً فإذا قارب الركوع قام، ولا أنكر عليهم لأني ليس عندي جزم أو نص بأنه يبدأ أولاً بالقيام ثم إذا تعب جلس، لكن مقتضى القواعد أنه يبدأ قائماً فإذا تعب جلس. ص 160 ـ 161.
20 ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً).
من فوائد هذا الحديث أن من أسماء الله تعالى الطيب، لقوله: (إن الله طيب) وهذا يشمل طيب ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله وأحكامه. ص 166.
21 ـ الخيانة لا يوصف الله بها، لأنها نقص بكل حال، فلا يوصف الله تعالى بالخيانة ويدل لهذا قول الله تعالى: (وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم) ولم يقل: فقد خانو الله من قبل فخانهم، لأن الخيانة خدعة في مقام الأمان، وهي صفة ذم مطلقاً، وبهذا عُرف أن قول (خان الله من يخون) قول منكر فاحش يجب النهي عنه وهو وصف ذم لا يوصف الله به. ص 167.
22 ـ ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء، يارب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وغُذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك.
يستفاد من هذا استبعاد إجابة آكل الحرام لو عمل من أسباب الإجابة ماعمل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر. . . وقال بعد ذلك أنى يستجاب لذلك وهذا استفهام استبعاد.
لكن هل هذا يعني أنه يستحيل أن يجاب؟
الجواب: لا، لأن الإنسان قد يستبعد شيئاً ولكن يقع، والنبي صلى الله عليه وسلم استبعد هذا تنفيراً عن أكل الحرام. ص172.
23 ـ رفع اليدين في الدعاء من أسباب الإجابة.
ويكون الرفع بأن ترفع يديك تضم بعضهما إلى بعض على حذاء الثُندؤتين أي أعلى الصدر، ودعاء الابتهال ترفع أكثر من هذا، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء الاستسقاء رفع يديه كثيراً حتى ظن الظان أن ظهورهما نحو السماء من شدة الرفع، وكلما بالغت في الابتهال فبالغ في الرفع. ص173.
24 ـ هل رفع اليدين مشروع في كل دعاء؟
الجواب: هذا على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: ماورد فيه الرفع ومثاله: إذا دعا الخطيب باستسقاء أو استصحاء فإنه يرفع يديه والمأمومون كذلك، لما رواه البخاري في حديث أنس رضي الله عنه (في قصة الأعرابي الذي طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة أن يستسقي فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ورفع الناس أيديهم معه يدعون).
ومما جاء في السنة رفع اليدين في قنوت النوازل والوتر وكذلك رفع اليدين على الصفا وعلى المروة وفي عرفة وما أشبه ذلك فالأمر فيها واضح.
القسم الثاني: ما ورد فيه عدم الرفع ومثاله: كالدعاء حال خطبة الجمعة في غير الاستسقاء والاستصحاء، فلو دعا الخطيب للمؤمنين والمؤمنات أو لنصر المجاهدين في خطبة الجمعة فإنه لا يرفع يديه، ولو رفعهما لأنكر عليه، ففي صحيح مسلم عن عمارة بن رؤيبة أنه رأى بشر بن مروان على المنبر رافعاً يديه فقال: (قبح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد أن يقول بيده هكذا وأشار بإصبعه المسبحة) وكذلك رفع اليدين في دعاء الصلاة كالدعاء بين السجدتين، والدعاء بعد التشهد الأخير، وما أشبه ذلك، هذا أمره ظاهر.
¥