تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

4 - أن يراعى في الرد على المخالف أن يحقق المصلحة الشرعية للرد، فإن ترتب عليه مفسدة راجحة على مفسدة المخالفة فلا يشرع الرد في هذه الحالة؛ فإنه لا تدرأ مفسدة بما هي أعظم منها.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (فلا يجوز دفع الفساد القليل بالفساد الكثير، ولا دفع أخف الضررين بتحصيل أعظم الضررين، فإن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الإمكان، ومطلوبها ترجيح خير الخيرين إذا لم يمكن أن يجتمعا جميعا، ودفع شر الشرين إذا لم يتفقا جميعا). < المسائل الماردينية (ص 63 - 64) >.

5 - أن يراعى في الرد أن يكون على قدر انتشار المخالفة؛ فإن كانت المخالفة نشأت في بلد أو مجتمع فلا ينبغي أن يشاع الرد سواء عن طريق نشر كتاب أو شريط أو غيرهما من الوسائل الأخرى في بلد أو مجتمع لم يسمع بالمخالفة؛ لأن في نشر الرد نشر بطريق غير مباشر للمخالفة؛ فقد يطلع الناس على الرد فتبقى الشبهة في نفوسهم، ولا تحصل لهم القناعة بالرد، فترك الناس في سلامة وعافية من سماع الباطل أصلا خير من سماعهم له ورده بعد ذلك، وقد كان السلف يراعون ذلك في ردودهم؛ فكثير من كتبهم في الردود يستدلون فيها للحق في مقابل الباطل من غير ذكر للمخالفة، وهذا من فقههم الذي قصر عنه بعض المتأخرين.

وما قيل في التحذير من نشر الرد في بلد لم ينتشر فيه الخطأ يقال في التحذير من نشره في طائفة من الناس لم تعرف ذلك الخطأ وإن كانت في بلد المخالفة؛ فلا ينبغي أن يسعى في نشر الردود من كتب وأشرطة بين العامة إن لم يعرفوا الخطأ ولم يسمعوا به، فكم فتن من العامة ووقعوا في الشك والارتياب في أصل الدين بسبب إطلاعهم على ما لا تدركه عقولهم من كتب الردود مما لايحصيه إلا الله، فعلى الساعين في نشر هذه الكتب بينهم أن يتقوا الله وليحذروا أن يكونوا سببا لفتنة الناس في دين الله.

وإن من أعجب ما سمعته في هذا أن بعض الطلبة قاموا بتوزيع بعض كتب الردود على بعض حديثي العهد بالإسلام ممن لم يمض على إسلامهم سوى أيام أو أشهر ووجهوهم لقراءتها، فيا لله العجب من صنيع هؤلاء!!

6 - الرد على المخالف من فروض الكفايات؛ فإذا قام به أحد العلماء وتحقق المقصود الشرعي برده على المخالف وتحذير الأمة، فقد برئت ذمم العلماء بذلك على ما هو مقرر عند العلماء في سائر فروض الكفايات.

ومن الأخطاء الشائعة: عندما يصدر رد من عالم على مخالف، أو فتوى بالتحذير من خطأ، مطالبة كثير من الطلبة المنتسبين للسنة العلماء وطلبة العلم بيان موقفهم من ذلك الرد أو تلك الفتوى، بل وصل الأمر إلى أن يطالب من طلبة العلم الصغار، بل العوام تحديد موقفهم من الراد والمردود عليه، ثم يعقدون على ضوء ذلك الولاء والبراء و يتهاجر الناس بسبب ذلك، حتى لربما هجر بعض الطلبة بعض شيوخهم الذين استفادوا منهم العلم والعقيدة الصحيحة سنين طويلة بسبب ذلك، ولربما عمت الفتنة البيوت فتجد الأخ يهجر أخاه، والابن يجفو والديه، وربما طلقت الزوجة وفرق الأطفال بسبب ذلك.

وأما إذا ما نظرت إلى المجتمع فتجد أنه انقسم إلى طائفتين أو أكثر، كل طائفة تكيل للأخرى التهم وتوجب الهجر لها، وكل هذا بين المنتسبين للسنة ممن لا تستطيع طائفة أن تقدح في عقيدة الأخرى وفي سلامة منهجها قبل أن ينشأ هذا الخلاف، وهذا مرجعه إما إلى الجهل المفرط بالسنة وقواعد الإنكار عند أهل السنة، أو إلى الهوى، نسأل الله العافية والسلامة.

تاسعا: علماء أهل السنة الذين عرفوا بسلامة الاعتقاد والاجتهاد في نصرة السنة، ينبغي أن يحفظ مقامهم ويعرف لهم قدرهم، ولا يجوز تنقصهم أو تبديعهم أو اتهامهم بهوى أو عصبية بمجرد خطئهم في الاجتهاد.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير