تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وراموا أمرا يستحمدون به الى نظرائهم من أهل البدع والضلال وعقدوا مجلسا يبيتون في مساء يومه ما لا يرضاه الله من القول والله بما يعملون محيط وأتو على مجلسهم ذلك بما قدروا عليه من الهذيان واللغظ والتخليط، وراموا استدعاء المثبت الى مجلسهم الذي عقدوه ليجعلوا نزله عند قدومه عليهم ما لفقوه من المكر وتمموه فحبس الله سبحانه عنهم أيديهم وألسنتهم فلم يتجاسروا عليه، ورد الله كيدهم قي نحورهم فلم يصلوا بالسوء اليه، وخذلهم المطاع فمزقوا ما كتبوه من المحاضر، وقلب الله قلوب أوليائه وجنده عليهم من كل باد وحاضر، وأخرج الناس لهم من المخبآت كمائنها، ومن الجوائف والمنقلات دفائنها، وقوى الله جأش عقد المثبت وثبت قلبه ولسانه، وشيد بالسنة المحمدية بنيانه، فسعى الى عقد مجلس بينه وبين خصومه عند السلطان، وحكم على نفسه كتب شيوخ القوم السالفين وأئنتهم المتقدمين، وأنه لا يستنصر من أهل مذهبه بكتاب ولا انسان وأنه جعل بينه وبينكم أقوال من قلدتموه، ونصوص من على غيره من الأئمة قدمتوه، وصرخ المثبت بذلك بين ظهرانيهم حتى بلغه دانيهم لقاصيهم، فلم يذعنوا لذلك واستعفوا من عقدة مطالبهم المثبت بواحدة من خلال ثلاث مناظر في مجلي عالم على شريطة العلم والانصاف تحضر فيه النصوص النبوية والآثار السلفية وكتب أئمتكم المتقدمين من أهل العلم والدين، فقيل لهم لا مراكب لكم تسابقون بها في هذا الميدان ومالكم بمقاومة فرسانه يدان فدعاهم الى مكاتبة ما يدعون اليه، فان كان حقا قبله وشكركم عليه وان كان غير ذلك سمعتم جواب المثبت، وتبين لكم حقيقة ما لديه، فأبوا ذلك أشد الاباء، واستعفوا غاية الاستعفاء، فدعاهم الى القيام بين الركن والمقام قياما في مواقف الابتهال حاسري الرؤوس، نسأل الله أن ينزل بأسه بأهل البدع والضلال.

وظن المثبت والله أن القوم يجيبونه الىهذا، فوطن نفسه عليه غاية التوطين، وبات يحاسب نفسه، ويعرض ما يثبته وينفيه على كلام رب العالمين، وعلى سنة خاتم الأنبياء والمرسلين، وينجرد من كل هوى يخالف الوحي المبين، ويهوي بصاحبه الى أسفل السافلين فلم يجيبوا الى ذلك أيضا، وأتوا من الأعذار بما دله على أن القوم ليسوا من أولي الأيدي والأبصار، فحينئذ شمر المثبت عن ساق عزمه وعقد لله مجلسا بينه وبين خصمه يشهده القريب والبعيد، ويقف على مضمونه الذكي والبليد وجعله عقد مجلس التحكيم بين المعطل الجاحد والمثبت المرمي بالتجسيم.

وقد خاصم في هذا المجلس بالله وحاكم اليه بريء الى الله من كل هوى وبدعة وضلالة وتحيز الى فئة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما كان أصحابه عليه والله سبحانه هو المسؤول أن لا يكله الى نفسه ولا الى شيء مما لديه، وأن يوفقه في جميع حالاته لما يحبه ويرضاه، فإن أزكة الأمور بيديه وهو يرغب الى من يقف على هذه الحكومة أن يقوم لله قيام متجرد عن هواه قاصد لرضاء مولاه، ثم يقرؤها متفكرا ويعيدها ويبديها متدبرا، ثم يحكم فيها بما يرضي الله ورسوله وعباده المؤمنين، ولا يقابلها بالسب والشتم كفعل الجاهلين والمعاندين، فإن رأى حقا تبعه وشكر عليه، وإن رأى باطلا رده على قائله وأهدى الصواب اليه، فإن الحق لله ورسوله، والقصد أن تكون كلمة السنة هي العليا جهادا في الله وفي سبيله، والله عند لسان كل قائل وقلبه، وهو المطلع على نيته وكسبه، وما كان أهل التعطيل اولياءه، ان أولياؤه الا المتقون، المؤمنون المصدقون: {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون، وستردون الى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون} التوبة 105.

فصل: وهذه أمثال حسان مضروبة للمعطل والمشبه والموحد، ذكرناها قبل الشروع في المقصود، فإن ضرب الأمثال مما يأنس به العقل لتقريبها المعقول من المشهود، وقد قال تعالى، وكلامه المشتمل على أعظم الحجج وقواطع البراهين: {وتلك الأمثال نضربها للناس} الحشر 21.

{وما يعقلها الا العالمون} العنكبوت 43، وقد اشتمل منها على بضعة واربعين مثلا، وكان بعض السلف إذا قرأ مثلا لم يفهمه يشتد بكاؤه ويقول لست من العالمين، وسنفرد لها ان شاء الله كتابا مستقلا متضمنا لأسرارها ومعانيها وما تضمنته من كنوز العلم وحقائق الايمان، والله المستعان وعليه التكلان.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير