" وذهب إلى مكة ورَثَاهم لقريش, وفضّل دين الجاهلية على دين الإسلام, حتى أنزل الله فيه: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً)
وقال أيضا:
"اعتزل كعب بن الاشرف ولحق بمكة , وكان فيها , وقال: لا أعين عليه و لا أقاتله , فقيل له بمكة: أديننا خير أم دين محمد وأصحابه؟ قال: دينكم خير و اقدم , دين محمد حديث.فهذا دليل على أنه لم يظهر محاربة "
وذكر رواية خروج كعب الى مكة:
" وقال ثنا عبد الرازق قال قال معمر اخبرني ايوب عن عكرمة ان كعب بن الاشرف انطلق الى المشركين من كفار قريش فاستجاشهم على النبي وامرهم ان يغزوه وقال لهم انا معكم فقالوا انكم اهل كتاب وهو صاحب كتاب ولا نامن ان يكون مكرا منكم فان اردت ان نخرج معك فاسجد للهذين الصنمين وامن بهما ففعل ثم قالوا له انحن اهدى ام محمد نحن نصل الرحم ونقري الضيف ونطوف بالبيت وننحر الكوم ونسقي اللبن على الماء ومحمد قطع رحمه وخرج من بلده قال بل انتم خير واهدى قال فنزلت فيه ((الم تر الى الذين اوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء اهدى من الذين امنوا سبيلا))
(3) حيي بن الأخطب يصحب كعبا الى مكة , وفيهما معا نزلت الآية السابقة: آية (الجبت والطاغوت)
ذكر شيخ الاسلام روايتين عن سفيان ابن عيينة وقتادة أن الاية نزلت في كعب بن الأشرف وحُيي بن الأخطب ثم عّلق على ذلك قائلا:
" وهذان مرسلان من وجهين مختلفين , فيهما أن كلا الرجلين ذهبا الى مكة وقالا ما قالا "
(4) النبي صلى الله عليه وسلم لم يندب لقتل كعب كونه ذهب الى مكة.
قال شيخ الاسلام:
" وأيضاً, فإنه لما ذهَبَ إلى مكة ورجع إلى المدينة لم يَنْدُبِ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المسلمين إلى قتله "
(5) كعب بن الأشرف وحيي بن الأخطب يعودان الى المدينة.
قال شيخ الاسلام:
" ثم إنهما قدما فندب النبي صلى الله عليه وسلم الى قتل ابن الاشرف وامسك عن ابن الأخطب "
(6) لماذا كعب ابن الأشرف والامساك عن حيي بن الأخطب؟
قال شيخ الاسلام:
" ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليأخذ أحدا من المسلمين والمعاهدين إلا بذنب ظاهر , فلما رجع الى المدينة وأعلن الهجاء والعداوة استحق أن يقتل , لظهور اذاه وثبوته عند الناس "
ما الذي ظهر من كعب ابن الأشرف؟
قال شيخ الاسلام:
"ثم لما رجع إلى المدينة أخذ يُنْشِد الأشعار يهجو بها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وشَبَّب بنساء المسلمين, حتى آذاهم, حتى قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (مَنْ لِكَعْب ابْنِ الأَشْرَفِ فَإنَّهُ آذَى اللهَ وَرسُولَه؟) وذكروا قصة قتله مبسوطة."
(7) ما المقصود بالأذى والهجاء؟
قال شيخ الاسلام:
" أن جميع ما أتاه ابن الأشرف انما هو أذى باللسان , فإن مرثيته لقتلى المشركين وتحضيضه وسبّه وهجاءه وطعنه في الاسلام وتفضيل دين الكفار عليه , كله قول باللسان , ولم يعمل عملا فيه محاربة "
وقد تقدم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من لكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله)
قال شيخ الاسلام:
" فإنه جعل مطلق أذى الله ورسوله مُوجِباً لقتل رجل معاهد, ومعلوم أن سَبَّ الله وسب رسوله أذَى لله ولرسوله, وإذا رُتِّب الوَصْفُ على الحكم بحرف الفاء دل على أن ذلك الوصف عله لذلك الحكم, لا سيما إذا كان مُنَاسباً, وذلك يدل على أن أذَى الله ورسوله عِلة لنَدْب المسلمين إلى قتل مَنْ يفعل ذلك من المعاهَدِين, وهذا دليل ظاهر على انتقاض عهده بأذى الله ورسوله, والسبُّ من أذى الله ورسوله باتفاق المسلمين, بل هو أخص أنواع الأذى."
وقال:
وأيضاً, فإنه لما ذهَبَ إلى مكة ورجع إلى المدينة لم يَنْدُبِ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المسلمين إلى قتله, فلما بلغه عنه الهجاء نَدَبهم إلى قتله, والحكم الحادث يضاف إلى السبب الحادث, فعُلم أن ذلك الهجاء والأذى الذي كان بعد قُفُوله من مكة موجِبٌ لنقض عهده ولقتاله "
(8) شيخ الاسلام يؤكد انتقاض " عهد الهدنة " لكعب بن الأشرف بهجاءه للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
قال رحمه الله:
¥