تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

"فقد قدَّّمنا في حديث جابر أن أوَّل ما نَقَضَ به العهد قصيدته التي أنشأها بعد رجوعه إلى المدينة يهجو بها رسولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عندما هجاه بهذه القصيدة ـ نَدَبَ إلى قتله, وهذا وحدُه دليلٌ على أنه إنما نقض العهدَ بالهجاء لا بذهابه إلى مكة."

(9) العلة في الندب لقتل كعب ابن الآشرف هي: سب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وليس كونه كافرا حربيا.

قال شيخ الاسلام في م3/ 769

" يوضّح ذلك أن أذى الله ورسوله لو كان إنما أوجب قتله لكونه كافرا غير ذي عهد لوجب تعليل الحكم بالوصف الأعم , فإن الأعم إذا كان مستقلا بالحكم كان التخصيص عديم التأثير , فلما علل قتله بالوصف الأخص عُلم أنه مؤثر في الأمر بقتله , لاسيما من أُوتي جوامع الكلم , وإذا كان المؤثر في قتله أذى الله ورسوله وجب قتله وإن تاب , كما ذكرناه فيمن سب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من المسلمين فإن كلاهما أوجب قتله أنه آذى الله ورسوله "

... الى أن قال رحمه الله:

" وإنما الواجب أن يوفر على كل نوع حظه من الحكم بحسب ما علقه به الشارع من الأسماء والصفات المؤثرة الذي دل كلامه الحكيم على اعتبارها , وتغلظ عقوبته ابتداءً لا يوجب تخفيفها انتهاءً , بل يوجب تغلظها مطلقا اذا كان الجرم عظيما , وسائر الكفار لم تغلظ عقوبتهم ابتداءً , ولا انتهاءاً مثل هذا , فإنه يجوز اقرارهم بجزية واسترقاقهم في الجملة , ويجوز الكف عنهم مع القدرة لمصلحة ترتقب , وهذا بخلاف ذلك." ص772

(10) السب: فيه جناية زائدة على الكفر الأصلي.

قال شيخ الاسلام:

": أنَّ قتل ساب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإن كان قتل كافر فهو حد من الحدود، ليس قتلاً على مجرد الكفر والحراب، لما تقدم من الأحاديث الدالة على أنه جناية زائدة على مجرد الكفر والمحاربة"

(11) انتقاض عهد كعب كان خاصا.

قال شيخ الاسلام:

" وقد ذكرنا الروايَةَ الخاصة أن كعب بن الأشرف كان معاهداً للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ. ثم إن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ جعله ناقضاً للعهد بهجائه وأذاه بلسانه خاصة. "

وقال أيضا:

" فإن مجرد نقض العهد يجعله ككافر لا عهد له، وقد ثبت بهذه السنن أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يأمر بقتل الساب لمجرد كونه كافراً غير معاهد، وإنما قتله لأجل السب مع كون السب مستلزماً للكفر و العداوة والمحاربة، وهذا القدر موجب للقتل حيث كان، وسيأتي الكلام إن شاء الله على تعين قتله.

) 12) قتل كعب ابن الأشرف كان على التعيين.

قال شيخ الاسلام:

" أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أمروا فيه بالقتل عينا "

وقد ذكر أدلة كثيرة وسأكتفي ببعض منها فقال رحمه الله:

الدليل السادس: أقاويل الصحابة، فإنها نصوص في تعيين قتله، مثل قول عمر رضي الله عنه: "من سب الله أو أحداً من الأنبياء فاقتلوه" فأمر بقتله عيناً، ومثل قول ابن عباس رضي الله عنهما: "أيما معاهد عاند فسب الله أو سب أحداً من الأنبياء عليهم السلام أو جهر به فقد نقض العهد، فاقتلوه"

فأمر بقتل المعاهد إذا سب عيناً، ومثل قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه فيما كتب به إلى المهاجر في المرأة التي سبّت النبي صلى الله عليه وسلم: "لولا ما سبقتني فيها لأمرتك بقتلها؛ لأن حد الأنبياء لا يشبه الحدود، فمن تعاطى ذلك من مسلم فهو مرتد، أو معاهد فهو محارب غادر" فبين أن الواجب كان قتلها عيناً لولا فوات ذلك، ولم يجعل فيه خِيرَة إلى الإمام، لا سيما والسابة امرأة، وذلك وحده دليل كما تقدم، ومثل قول ابن عمر في الراهب الذي بلغه أنه يسب النبي صلى الله عليه وسلم: "لو سمعته لقتلته"، ولو كان كالأسير/ الذي يخير فيه الإمام لم يَجُزْ لابن عمر اختيار قتله، وهذا الدليل واضح "

وقال أيضا:

" فإذا تقرر بما ذكرناه من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرة أصحابه وغير ذلك أن الساب للرسول يتعين قتله، فنقول: إما أن يكون/ تعين قتله لكونه كافراً حربياً أو للسبب المضموم إلى ذلك، والأول باطل؛ لأن الأحاديث نص في أنه لم يقتل لمجرد كونه كافراً حربياً، بل عامتها قد نص فيه على أن موجب قتله إنما هو السب؛

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير