وذكر ان الكتاب الذي وادع فيه النبي اليهود كان كانت لما قدم المدينة قبل بدر وعلى هذا < فيكون هذا كتابا ثانيا خاصا لبني النضير تجدد فيه العهد الذي بينه وبينهم غير الكتاب الاول الذي كتبه بينه وبين جميع اليهود > لاجل ما كانوا قد ارادوا من اظهار العداوة وقد تقدم ان ابن الاشرف كان معاهدا وتقدم ايضا ان النبي كتب الكتاب لما قدم المدينة في اوائل الامر والقصة تدل على ذلك < والا لما جاء اليهود الى النبي وشكوا اليه قتل صاحبهم ولو كانوا محاربين لم يستنكروا قتله > وكلهم ذكر ان قتل ابن الاشرف كان بعد بدر وان معاهدة النبي لليهود كانت قبل بدر كما ذكره الواقدي
قال ابن اسحاق وكان فيما بين ذلك من غزو رسول الله امر بني قينقاع يعني فيما بين بدر وغزوة الفرع من العام المقبل في جمادى الاولى وقد ذكر ان بني قينقاع هم اول من حارب ونقض العهد " انتهى
قلت:
وبهذا أوضح شيخ الاسلام أن المقصود من قول النبي صلى الله عليه وسلم (من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه) هم من يهود خارج المدينة من جاء منهم ناقضا للعهد منتصرا لمقتل كعب. والدليل قوله (إنه لو قر كما قر غيره .. ما اغتيل)
ولتأكيد ذلك يلاحظ كلام شيخ الاسلام السابق
(وكانوا مقيمين خارج المدينة)
(فامر النبي بقتل من جاء منهم لان مجيئه دليل على نقض العهد وانتصاره للمقتول وذبه عنه)
(واما من قر فهو مقيم على عهده المتقدم لانه لم يظهر العداوة ولهذا لم يحاصرهم النبي ولم يحاربهم حتى اظهروا عداوته بعد ذلك.)
(والا لما جاء اليهود الى النبي وشكوا اليه قتل صاحبهم ولو كانوا محاربين لم يستنكروا قتله)
ويوضح في موضع آخر أن استمرار الهدنة جائز لمن لم يأتي بجناية السب:
" فنقول: إذا تعين قتل الحربي لأجل أنه سب النبي صلى الله عليه وسلم فكذلك المسلم والذمي أولى؛ لأن الموجب للقتل هو السب، لا مجرد الكفر والمحاربة، كما تبين، فحيثما وُجِدَ هذا الموجب وجب القتل، وذلك لأن الكفر مبيح للدم، لا موجب لقتل الكافر بكل حالٍ؛ فإنه يجوز أمانه ومهادنته والمن عليه ومفاداته، لكن إذا صار للكافر عهد عَصَم العهد دمه الذي أباحه الكفر، فهذا هو الفرق بين الحربي والذمي، فأما ما سوى ذلك من موجبات القتل فلم يدخل في حكم العهد.
وقد ثبت بالسنة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر بقتل الساب لأجل السب فقط لا لمجرد الكفر الذي لا عهد معه، فإذا وجد هذا السب وهو موجب للقتل و العهد لم يعصم من موجبه تعين القتل، ولأن أكثر ما في ذلك أنه كافر حربي ساب، والمسلم إذا سب يصير مرتداً ساباً، وقتل المرتد أوجب من قتل الكافر الأصلي، و الذمي إذا سب فإنه يصير كافراً محارباً ساباً بعد عهد متقدم، وقتل مثل هذا أغلظ.
(16) حكم الساب مسلما كان أم معاهدا.
قال شيخ الاسلام في الصارم م3/ 55 تحت عنوان " يُقتل شاتم النبي ـ صلى الله عليه وسلم بغير استتابة "
قال:
" قال الامام أحمد في رواية حنبل كل من شتم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتنقصه مسلما كان أم كافرا فعليه القتل, وأرى أن يقتل ولايستتاب.
وقال: كل من نقض العهد وأحدث في الاسلام حدثا مثل هذا رأيت عليه القتل , ليس على هذا أُعطوا العهد والذمة.
وقال عبد الله: سألت أبي عمن شتم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يستتاب؟؟!!
قال: قد وجب عليه القتل ولا يُستتاب , خالد بن الوليد قتل رجلا شتم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولم يستتبه "
انتهى
على ما تقدم اجتمع في كعب ابن الاشرف ذنبان:
الذنب الأول: انتقاض عهده فأصبح كافرا حربيا.
الذنب الثاني: استوجب عليه حد سب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأصبح مطلوبا بحد.
فبأي الذنبين اغتيل؟
وهل كان يوم اغتياله داخلا في عهد جديد " عقد أمان "؟
وقد تقدم بالأدلة السابقة أن علة الندب لقتله هي سب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
(أي الذنب الثاني)
وهنا يرد شيخ الاسلام على شبهتين أحدها عرضت لبعض السفهاء , وأخرى نشأت عند بعض الفقهاء
(17) شبهة عرضت لبعض السفهاء:
قال شيخ الاسلام:
" وقد كان عرضت لبعض السفهاء شبهة في قتل ابن الاشرف فظن ان دم مثل هذا يعصم بذمه متقدمة او بظاهر امان "
قلت:
يبدو أن للسفهاء مرجئة هم الأُخَرْ .. " مرجئة السفهاء " ان صح التعبير ,
¥