تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الدليل الثالث: أن الساب لو صار بمنزلة الحربي فقط لكان دمه معصوماً بأمانٍٍ يعقد له أو ذمة أو هُدْنة، ومعلوم أن شبهة الأمان كحقيقته في حَقْن الدم، والنفر الذين أرسلهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى كعب بن الأشرف جاؤوا إليه على أن يستسلفوا منه وحادثوه وماشوه وقد آمنهم على دمه وماله وكان بينه وبينهم قبل ذلك عهد وهو يعتقد بقاءه ثم إنهم استأذنوه في أن يشموا ريح الطيب من رأسه فأذن لهم مرة بعد أخرى، وهذا كله يثبت الأمان، > واستئذانهم إياه في إمساك يديه، فعلم بذلك أن إيذاء الله ورسوله موجب للقتل لا يعصم منه أمان ولا عهد، وذلك لا يكون إلا فيما أجب القتل عيناً من الحدود كحد الزنى وحد قطع الطريق وحد المرتد ونحو ذلك، فإن عقد الأمان لهؤلاء لا يصح ولا يصيرون مستأمنين، بل يجوز اغتيالهم والفتك بهم لتعين قتلهم، فعلم أن ساب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كذلك.

يؤيد هذا ما ذكره أهل المغازي من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنّهُ لَوْ قَرَّ كَمَا قَرَّ غَيْرُهُ مَا اغْتِيْلَ، وَلَكِنَّهُ نَالَ مِنَّا الأَذَى وَهَجَانَا بِالشِّعْرِ، وَلَم يَفْعَلْ هَذَا أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلاَّ كَانَ السَّيْف) فإن ذلك دليل على أن لا جزاء له إلا القتل."

نكرر سرد الطُرق التي أعطوه بها الأمان وشبهة الآمان لمن لم يلتفت لها في كلام شيخ الاسلام:

ـ "جاؤوا إليه على أن يستسلفوا منه وحادثوه وماشوه وقد آمنهم على دمه وماله "

ـ "وكان بينه وبينهم قبل ذلك عهد وهو يعتقد بقاءه "

ـ "ثم إنهم استأذنوه في أن يشموا ريح الطيب من رأسه فأذن لهم مرة بعد أخرى، وهذا كله يثبت الأمان، "

(22) إذاً كيف يبرر شيخ الاسلام الفتك بكعب بعد أن أعطوه الأمان؟!!!

يوضح ذلك رحمه فيقول:

" فعُلم أن هجاءه للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأذاه لله تعالى ورسوله لاينعقد معه أمان ولا عهد , وذلك دليل على أن قتله حد من الحدود كقتل قاطع الطريق , إذ ذلك يُقتل وإن أُومن كما يُقتل الزاني والمرتد وإن أُومن , وكل حد وجب على الذمي فإنه لا يسقط بالاسلام وفاقا " ص769

ويقول أيضا في م2 ص540

(أن قتل ساب النبي صلى الله عليه وسلم وان كان قتل كافر فهو حد من الحدود , ليس قتلا على مجرد الكفر والحراب , لما تقدم من الاحاديث الدالة على انه جناية زائدة على مجرد الكفر والمحاربة ومن أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أمروا فيه بالقتل عينا , وليس هذا موجب الكفر والمحاربة لما تقدم من قول الصّدّيق رضي الله عنه " إن حد الآنبياء ليس يشبه الحدود " ومعلوم أن قتل الاسير الحربي ونحوه من الكفار والمحاربين لايسمى حدا ..

الى أن قال:

(وكل حد يكون بهذه المثابة فانه يتعين اقامته بالاتفاق)

وقال أيضا في ص 760

" أن ساب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يُقتل حدا من الحدود , لا لمجرد الكفر , وكل قتل وجب حدا لا لمجرد الكفر فإنه لا يسقط بالاسلام. "

إلى أن قال رحمه الله ...

" والدليل على ذلك أنه قد تقدم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ اهدر دم المرأة الذمية التي كانت تسّبه ـ صلى الله عليه وسلم ـ عند الأعمى الذي كان يأوي إليها , ولا يجوز ان يكون قتلها لمجرد نقض العهد , لأن المرأة الذمية إذا ما انتقض عهدها فإنها تُسترق و لايجوز قتلها , ولا يجوز قتل المرأة للكفر الأصلي إلا أن تُقاتل , وهذه المرأة لم تكن تُقاتل , ولم تكن معينة على قتال "

الى أن قال رحمه الله:

" فثبت أنها قتلها كان لخصوص السب للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأنه جناية من الجنايات الموجبة للقتل "

(23 من كان مطلوبا بحد هل يعصم دمه كونه معاهدا أو مستأمنا أو حتى لو كان مسلما .. ؟

قال شيخ الاسلام:

" ومن حَلَّ قتله بهذا الوجه لم يعصم دمه بأمانٍ ولا بعهد كما لو آمن المسلم مَنْ وجب قتله لآجل قطع الطريق ومحاربة الله ورسوله والسعي في الأرض بالفساد الموجب للقتل, أو مَنْ وجب قتله لأجل زِناه, أو آمن مَنْ وجب قتله لآجل الردة أو لأجل ترك أركان الإسلام ونحو ذلك, ولا يجوز أن يَعقِدَ له عقد عهد, سواء كان عقد أمان أو عقد هدنة أو عقد ذمة؛ لأن قتله حد من الحدود, وليس قتله لمجرد كونه كافراً حربياً كما سيأتي,

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير