تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولم يكن عليه الصلاة والسلام عندما عقد معهم هذه المعاهدة يجهل حقيقتهم، ويجهل فسادهم، ولكنه أراد بذلك أن يضرب عصفورين بحجر: من كان لا يزال متعصبا لهم من الأوس والخزرج حتى بعد الإسلام، وأنهم حلفاؤه وأنصاره، أن يوقفهم على حقيقتهم من الخيانة والغدر والفساد بكل أشكاله، وأن يقيم الحجة عليهم أنفسهم، حتى إذا بدا لهم يصنع ما يصنع؛ يكون قد أزال الحجة عن نفسه وألبسها لخصمه.

ما كاد يعقد تلك المعاهدة حتى عاد اليهود - على عادتهم - إلى فسادهم، فألبوا على رسول الله قومهم، وقبائل الجزيرة العربية، وما كادت تمضي بضع سنوات على هجرته للمدينة؛ حتى هوجم - عليه الصلاة والسلام - في عقر داره بجيش عرمرم، ووجد أنه معه من المسلمين مع من يوجد مع الطابور من الجيش الخامس داخل جماعته في نفس الأرض التي يسكنها – أعني: اليهود – فوجد أنه لا يمكن أن يواجه هؤلاء مواجهة المهاجم، واكتفى بمواجهة المُدافع، وخندق على نفسه في المدينة المنورة برأي سلمان، وجعل جبل أُحُد خلف ظهره كحماية، وقاسى الشدائد عليه الصلاة والسلام.

ولكن الله تعالى نصره نصرا عزيزا مؤزرا، فاختلف اليهود مع حلفائهم من قريش وغطفان، وبقية الأحزاب، وهي ما سمي: غزوة الأحزاب وغزوة الخندق. وبذلك زالت الحجة عنهم، وأعطيت الحجة للبطش بهم من رسول الله عليه الصلاة والسلام، بما أقنع حلفاءهم من الأوس والخزرج، وأقنعهم هم أنفسهم.

فرجع إليهم، وعلى مدى أيام أدبهم ورباهم، واكتفى بأن يكون ذلك على درجات ومراحل، ولكن اليهود سوف لا يقفون على هذا فقط؛ حاولوا تسميم النبي عليه الصلاة والسلام، وفعلوا: سممته يهودية اسمها: زينب، في ذراع من شاة، من أكل معه توفي، وكان الذي توفي: شخصان. والنبي عليه الصلاة والسلام لم يمت ساعتها، ولكنه قال عليه الصلاة والسلام، وكان ذلك في غزوة خيبر: "لازالت أكلة خيبر تُعادُّني حتى قطعت أبهري"؛ أي: بقي مريضا عليه الصلاة والسلام، يعاوده السم الذي أكل في تلك الذراع شهرا بعد شهر، وعاما بعد عام إلى أن قطع نياط قلبه، فمات عليه الصلاة والسلام. من أجل ذلك كانت تقول أم المؤمنين عائشة: "جمع الله لرسوله بين الموت على فراشه وبين الشهادة". وبذلك كان رسول الله عليه الصلاة والسلام مات شهيدًا نتيجة تسميم اليهود له!.

كان مرة في أحد حصونهم، ووقف ينتظر على الحائط، وإذا به يُنبَّه بأن بعض اليهود صعد للسطح وأخذ رحا وأراد أن يرميها على رأسه عليه الصلاة والسلام، فسبقهم قبل أن يرموها، وذهب إلى بيته عليه الصلاة والسلام.

وبعد ذلك؛ ألبوا وشتموا، وهجوا، وجمعوا القبائل لحربه، وأخذوا ينفرون الناس عنه وعن دينه، وما قصة كعب بن الأشرف عن الناس ببعيدة، الذي اتخذ الشعر ديدنا لهجو رسول الله عليه الصلاة والسلام، وتنفير الناس منه، هذا مع المعاهدة التي بينه وبينهم، ومع كونهم يساكنونه كجيش خامس من الدار.

وهكذا شتتهم رسول الله وانتصر عليهم النصر العزيز المؤزر، بين قتيل وشريد وطريد، وأوصى بمن بقي منهم ولم يطرده؛ لأنه كان في حاجة إلى زراعتهم وخدمتهم، إذ المسلمون كان كل من أسلم يصبح جنديا بالواقع أو بالاحتياط، ولم يسمح بأن يشتغلوا بشيء سوى ذلك، وترك الأرض لمن يزرعها من أهل الذمة أو ممن لم يسلم بعد.

ولكنه أوصى الخلفاء بعده؛ فقال وهو على فراش الموت: "أخرجوا اليهود والنصارى عن جزيرة العرب، لا تصلح فيها قبلتان". هذا حديث متواتر، أخرجه أصحاب الستة، وأخرجه أصحاب الصحاح، ومما استدركتُه على كُتاب التواتر من المتواتر وأغفلوه، وبنيت عليه بحثا سبق أن ألقيته في عدة قاعات من الجامعات هنا وفي الخارج، كان عنوانه: "الأقليات في الدولة الإسلامية".

ونتابع مع المحاضر إن شاء الله تعالى حيث يقول: =

جل مآسي المسلمين في الصدر الأول للإسلام بسبب اليهود:

ـ[أبو الخير صلاح كرنبه]ــــــــ[12 Mar 2009, 02:54 م]ـ

جل مآسي المسلمين في الصدر الأول للإسلام بسبب اليهود:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير