تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مات عليه الصلاة والسلام، ولم يسلم من اليهود إلا قليل، والذي أسلم وحسُن إسلامه معدودون على الأصابع، أشهرهم وأبرزهم: عبد الله بن سلام. وقد أسلم ما يقارب مائتين كانوا في أكثريتهم الساحقة منافقين، ولذلك كانوا دعاة للنفاق، ومؤلبين الكثير ممن أسلموا من الأوس والخزرج ممن لم يحسن إسلامهم، على أن يؤمنوا ظاهرا ويبطنوا الكفر باطنا، وكان لهؤلاء المنافقين ذكر في المدينة المنورة، لم يكونوا موجودين في مكة، كان في مكة بعد أن خضعت مؤلفةٌ قلوبهم، ممن لم يفهموا الإسلام الفهم الصحيح بعد، ولم يكن فيها منافقون، ولكن المدينة كان فيها منافقون، وكان زعيم هؤلاء المنافقين: عبد الله بن أبيْ بن سلول، وظل على نفاقه إلى أن هلك، وكان متعاونا مع اليهود والذين حتى من أسلم منهم بقي متظاهرا بالإسلام، مبطنا للكفر، على عادة اليهود، وإلى عصرنا؛ وأضرب على هذا أمثالا في المغرب أكثر من المشرق، لأن المغرب اعتنى بأنسابه أكثر من المشرق، إلا ما كان من بعض القبائل، وبعض العشائر في بادية جزيرة العرب.

البلاد التي حكمتها تركيا ضاعت أنسابها، إلا قلة نادرة لا تكاد تذكر، المغرب لم تحكمه تركيا، أسرٌ عندنا أسلمت من يهودية، ومضى عليها قرون، وتبين بالتأكيد القاطع أن إسلامهم كان ظاهرا، وأن هؤلاء عندما وصلوا إلى الحكم والزعامة انقلبوا على الإسلام أعداء ألداء، وحتى بعد الاستقلال بعضهم وصل إلى الحكم فأدخل معه يهوديا في الوزارة، وألغى الشريعة، وحكم بحكم نابليون، وكاد يلغي اللغة العربية، ووضع اللغة الفرنسية مكانها، أو كرس الفرنسة بالمغرب، وقال: "أنا لا أعتبر اللغة الفرنسية لغة استعمار، ولكنها لغة حضارة وثقافة لا يستغني عنها الإنسان المعاصر! ".

أنا أعتقد أن هذا كذلك في المشرق؛ ظهرت رؤساء وزعماء ولا يزال يظهر، هم عند الناس قد أخطأوا في المعركة وفي الحرب، وفي الحكم، وفي السياسة، ولكن الذي نعتقد: أنهم كانوا يهودا متظاهرين بالإسلام، وكل ما فعلوه على أنه أغلاط كان مقصودا بذلك، وهم في أنفسهم هلكوا وهم يعتقدون أنهم نجحوا إلى أقصى ما يراد من النجاح؛ لأن دولة اليهود صار لها شأن في أيامهم، فقد هيأوا لها، وشغلوا العرب شغل ذات اللحيين، إلى أن تم لها ما أرادت، ولكن الله تعالى أكرم عباده بذهاب هؤلاء إليه، فتغير الوضع ولله الحمد، وسيزداد في التغير لصالح الإسلام والمسلمين.

بعد الحياة النبوية؛ أحد الزعماء من اليهود اليمنيين اختلط في التاريخ، ودخل في اسم الصالحين والمثقفين والدارسين، وتُرجم في كتب السيرة وكتب الأعلام على أنه من الأعلام، ولزم عمر دهرا وزمنا، واعتبر من القادة في الإسلام والدعوة إلى الله، ولكنني منذ عرفته وتتبعت سيرته لم أشك في أنه كاذب، ولم يكن مسلما يوما، إلى أن تأكد لي ذلك بسؤال العباس عم النبي عليه الصلاة والسلام له يوما: "يا فلان؛ ما الذي أخرك أن تأتي إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام في حياته، ولم تكن صغيرا، كنت ابن أربعين سنة كما تذكر؟، لماذا لم تأت مسلما إلا بعد موته؟ ". وهو يشكك فيه؛ لأنه خاف أنه إذا حضر يفضحه الوحي ويفسد عليه أمره.

هذا كان ملازما لعمر، واتهم أنه كان ممن شارك في قتل عمر، وكاد عبد الله الذي قتل الزبرقان، وقتل الولدين لأبي لؤلؤة المجوسي الذي قتله، كاد يقتله. ولكن هُدد هو نفسه بالقتل، بعد ثلاثة أيام من مجلس الشورى الذي ترك عمر، والذي انتخب فيه عثمان، خاف على نفسه وفر إلى الشام!.

هذا مر عندما فتح جيوش المسلمين أيام عمر القدس، قال البطارقة: "لا نسلم مفاتيحها إلا إلى الخليفة الأعظم عمر! ". فوجد عمر من قداسة القدس عليه وعلى المسلمين أنه: لا مانع أن يرحل إلى القدس ويستلم مفاتحها بنفسه. ذهب إلى الأقصى - وقد سماه الله مسجدا قبل أن يستلمها المسلمون، وقبل أن يصل إليها المسلمون، وتبنى مسجدا، قال: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا}. [الإسراء/ 1]. المسجد هو الأرض، وليس للبناء قيمة، والبناء القائم عليه إنما هو بناء بني أمية، وليست بنو أمية من القداسة التي تصل إليها قداسة عمر والخلفاء الراشدين، ولذلك؛ هؤلاء – اليهود – عندما يفكرون الآن أن يحرقوا المسجد أو يهدموه؛ لا يعني ذلك أنهم سيقولون: "أخذنا الأقصا وهدمناه"، فنحن سنأخذ الأرض، نحن نملك الأرض، بقي البناء أو لم يبق!.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير