تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[أما الشركعة والبهدلة] فهذا ما وقع معهم في الحرب، اليهود قالوا: سيغلبون خلال ستة أيام، هم أخذوا ما كانوا يريدونه خلال ست ساعات، وإنما الأيام الستة كما سموها في المخطط الذي وضعوه لما كانوا يريدون أن يأخذوه، ولكن تلك المعارضة التي كانت سنة 1967 لم تكن شعارا، كان فيها مواطأة ومؤامرة، سلموا فيها البلاد والعباد لليهود بغير حرب، ذهبوا لقتل المسلم والأخ وابن العقيدة، وابن الدم، خلال سبع سنوات، وتركوا البلاد بلا حراسة ولا جيش ولا تحصين ولا حدود، وهكذا عندما أرادوا أن يسلموا البلاد تواطؤا وخيانة، قالوا للبوليس الدولي: "كش"، وفتحوا الباب، وقالوا للآخرين: "تفضلوا"، وهكذا كان، ما كانت حرب.

والقرآن ما قال: "حرب"، قال: {ليسوؤوا وجوهكم}، يسودوا الوجه، فعلا سودوا وجوهنا سود الله وجوههم، وهو مسود الآن وسيزداد، من سعى في ذلك، ومن تسبب فيه، ومن هلك. نفس التعبير منتهى ما يكون الإعجاز والبلاغة. جاء الفساد الثاني، وكان هو ما قاله القرآن بالحرف، وذلك من معجزاته.

{فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم}: يبهدلوكم يا مسلمين، يُشطحوكم، يسودوا وجوهكم، وأقصى كلمة يقولها العربي الآن: "فلان سود الوجه سود الله وجهه"، وهذا منتهى ما يكون في اللعنة والخزي.

{وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة}: أيضا: "ليدخلوا": مضارع يدل على الحاضر والاستقبال، المسجد لم يدخلوه في الأيام النبوية، بل الذي دخله: المسلمون، الذين دخلوه أيام عمر، والمسجد عندما يقال: "المسجد" بالألف واللام؛ الألف واللام هما للمعهود الذهني الذي مضى قريبا. في الآية السابقة قال تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى}. أي: المسجد الأقصى، ليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة، ولم يسبق في التاريخ على طوله وعرضه أن اليهود كانوا في القدس إلا أيام سليمان عندما قالوا بنوا الهيكل، وخربه الروم ولم يعودوا.

لكن الله قال في هذه الآية، وحدد أنه فساد، وعلامة الفساد الثاني: دخولهم للمسجد {وليتبروا ما علوا تتبيرا}، سيخربون هذا المسجد تخريبا كاملا، وقد ابتدأوا بمجرد دخولهم. حرقوه وقالوا: "مجنون من المجانين حرقه"، ثم يهدمون أساسه بحجة البحث عن أصول الهيكل. وسوف لا يجدونه، ولكن اليهود قوم بهت كما وُصفوا ووصفهم النبي عليه الصلاة والسلام، كذبة فجرة، يكذبون عليك في وجهك، مادام السيف لا يزال في يدهم لم ينتزعه من يدهم المسلمون، سيقولون ويقولون، ويأتون بآثار وألاعيب، ويقولون: وجدناها.

وافرض أن الأمر كذلك؛ هل لأن هذا الهيكل كان يوما من الأيام في يد سليمان، الذين هم قالوا عنه: "كفر"، ولعنوه وأخزوه في التوراة، وشتموا أنبياءهم الذين يزعمون الآن أنهم سموا دولتهم بهم. هذا لا يقدم شيئا ولا يؤخر.

نحن لا نملك البناء فقط، ولا قيمة للبناء، نملك الأرض، علت إلى ما فوق هي أرضنا، نزلت للأرض السابعة هي أرضنا، وهي أرضنا من الأرض السابعة إلى الأفنان على فرض صعدوا في الأفنان. سواء أبقوا البناء أو خربوه، ولا قيمة للبناء، نحن لا نحرص على الأقصى لأنه منبر أثري، لأن عبد الملك بن مروان صنع وصنع، وما بعد؟؛ فليأخذوه إذا أرادوا أن يبايعونا أو يشارونا، أو يساومونا على أساس أن يهدموه ويتركوه لنا، نحن قابلون، وسنبنيه بعد بما نشاء، إن صح أن نبنيه لبنة من فضة ولبنة من ذهب؛ بنيناه. ولكن هذا لا يصح، ولا حاجة إليه، العبرة بالأرض.

{فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة}: لم يسبق في التاريخ أن دخل اليهود لهذه الأرض إلا أيام سليمان، وما كادت تنتهي أيام سليمان حتى سلط الله عليهم الفرس ثم الروم، حتى إن عيسى – آخر أنبيائهم – عندما نبيء في فلسطين أو في الناصرة أو في القدس؛ كانت الأرض للرومان، وهم يقولون - سواء في توراتهم المحرفة أو في إنجيلهم المحرف - إنهم لما أرادوا قتل عيسى؛ أثاروا عليه الروم، وقالوا: إنه يريد ملكا ويريد إمبراطورية ... وإن كانوا قد قتلوا من شبهوه به كما قال القرآن الكريم: {وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم}. [النساء/ 157].

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير