ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[26 May 2009, 06:44 م]ـ
31 ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها).
قوله عليه الصلاة والسلام: (حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع) لعل المراد بذلك: المسافة بين اعتناقه هذا العمل وبين موته وليس المراد: أنه يدنو بعمله إلى الجنة لأن الذي يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس لا يقرب من الجنة إذ أن عمله هذا يعتبر حابطاً لأنه رياء. ص370.
32 ـ قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم).
فإذا كان هذا في رفع الصوت ـ الذي هو صفة النطق ـ فما بالك في رفع القول على قول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟ كالذين يقدمون أقوال الكفرة والفسقة على أقواله؟! ما بالك بهؤلاء؟! هؤلاء أقرب بكثير إلى حبوط العمل، ممن رفع صوته بصفة النطق بلا شك. ص 383.
33 ـ لما نزلت: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: أينا لا يظلم نفسه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس هو كما تظنون. إنما هو كما قال لقمان لابنه: (يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم).
في هذا الحديث استدل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقرآن على القرآن، وفيه دليل على أنه ينبغي للإنسان وإن كان موثوقاً عند الناس أن يذكر مستنده لأن ذلك أبلغ في طمأنينة المخاطب. ص401.
34 ـ عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى قال: (إن الله كتب الحسنات والسيئات. ثم بين ذلك فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة. وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة وإن هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة).
تأمل الحسنة قال: (كاملة) والسيئة قال: (واحدة) سيئة واحدة، سواء في الحرمين أو في الحل.
وعلى هذا فلا تضاعف السيئة في مكة مضاعفة كمية، لكنها تضاعف مضاعفة كيفية، ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون).
وهذه الآية نزلت في مكة لأن سورة الأنعام كلها مكية، ولقوله تعالى: (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم) أي مؤلم فهي مضاعفة في كيفيتها لا في كميتها.
وبهذا نعرف بطلان ما يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه خرج إلى الطائف، وقال لا أسكن مكة، بلداً حسناته وسيئاته سواء، فهذا لا يصح عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، وهو أفقه من أن يقول مثل هذا الكلام. ص416 ـ 417.
بقية الفوائد تأتي تباعاً.
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[10 Jun 2009, 01:37 م]ـ
35 ـ من هم بالسيئة ولم يعملها، فالأدلة تدل على أن ذلك أقسام.
القسم الأول: أن يتركها عجزاً عنها، مع فعل ما قدر عليه منها، فهذا يكتب عليه إثمها كاملاً كإثم فاعلها، ودليله قوله النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار، قالوا: هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه).
القسم الثاني: أن يتركها عجزاً، دون أن يفعل الأسباب، ودون أن يفعل ما قدر عليه منها، كرجل هم بسرقة، ولكنه رأى الناس حوله، فتركها فهذا عليه وزرها، لكنه ليس كالذي فعل ماقدر عليه منها لأن هذا لم يفعل شيئاً، لكن عليه الوزر، وهو وزر النية بلا شك.
القسم الثالث: أن يهم بالسيئة، ثم يتركها لله، فهذا تكتب له حسنة كاملة، لقوله تبارك وتعالى في الحديث القدسي: (فإنما تركها من جراي) أي: من أجلي، فتكتب له حسنة كاملة.
القسم الرابع: أن لا يطرأ على باله تلك السيئة من الأصل، كرجل لم تطرأ عليه السرقة، ولم يطرأ عليه الزنا، ولا شرب الخمر، فهذا ليس له أجر، وليس عليه وزر، لأنه ليس له نية، لا لفعل السيئة، ولا لتركها.
فهذه أربعة أقسام دلت عليها النصوص. ص417 ـ 418.
¥