تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أبو الفداء أحمد بن طراد]ــــــــ[29 Mar 2010, 09:49 م]ـ

(18)

باسمه سبحانه وبحمده

إلى سيادة معدن العلم والكمال، وروض الفضل والإفضال، إمام العراق، وكوكب الآفاق، أدام المولى سمو سيادته، وبارك لنا في محبته وإفادته.

سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته.

أمَّا بعد:

فقد تشرفت بخطابكم الجليل، وحمدت المولى على دوام هذه المواصلة والتفضل بمنة المقابلة.

سرِّنا البارحة ما قرأناه على غلاف جزُ المنار الأخير من الإعلان بكتاب " إغاثة اللهفان" (1)، فالحمد لله على ما أنعم وتكرم وألهم، ونسأله سبحانه أن يوفق إخواننا لنشر أمثاله، وتعميم النفع بأشكاله، وأظن أنَّه إذا قدم منه لسيادتكم تكون لتعليقاته حظوة كبرى.

وقد اهتممت بالعناية بها جداً سيما أول تعليقة؛ فإن بعض الحشوية أراد أن يحجنا مما نعتقد؛ ذلك أنه يعلم أن كل لم يروه البخاري ففي نفسنا منه شيء، لأنا نرى أن الحديث إذا كان أصلاً من الأصول المهمة ولم يروه البخاري أو لم يشر إليه لا جرم أنه أعرض عنه لعلة فيه، وقد أشار لذلك الإمام النووي في:" شرح مقدمة مسلم " (2) فذلك الحشوي ـ وهو باصطلاحنا الآن كل مقلد متعصب جامد أو جهمي ـ كأنه يقول: إن كل ما بنى عليه الإمام ابن القيم رسالته من التمسك بحديث الإغلاق

منظور فيه، لترك البخاري تخريجه، وهو مغمز كاد يكون في محله لولا ما ألهمنا الحق من تتبع " الصحيح " في أبواب الطلاق وعثورنا على ترجمة فيه بعنوان: باب الطلاق في الإغلاق و الكره .... إلخ، فقلنا: إنَّ البخاري وإن لم يروه لكن أشار إليه، والمُشار إليه ليس كالمسكوت عنه ... إلى آخر ما جاء في التعليقة.

وعسى أن يتحفنا مولانا ببعض ملاحظته إذا رأى ما يوجب التنبيه عليه، وإني أعلم أن هذه المسألة ستفتح في باب الزيجة إصلاحاً كبيراً، لاسيما إذا ترقت الأمة، وعقدت مجمعاً من فُقهاء المذاهب لتوحيد فروع المعاملات من سائر المذاهب كما في " المجلة " (3).

والمسموع أن هذا الفكر تداول فيه مجلس الأمة إلاَّ أن لديه من المشاكل السياسة ما يحول بينه وبين ذلك الآن، وإن كنا لا نيأس منه بعدُ بحوله وقوته وتوفيقه وهدايته.

الشيخ عبد الحفيظ الفاسي كان في سنة 1323هـ كاتبني للاستجازة، وكذلك من نحو شهر راسلني بكتاب آخر فيه تسلسلاً بالدمشقيين.

وبلاد المغرب لم يزل لعلمائها حرص على الإجازات، ويرحم الله أيامها ورجالها الولعين بها، إلاَّ أن المسؤول يضطر أن يُجاري السائل في مثل هذا، والظاهر أن الرجل من أهل العلم المنورين، والذين برقت لهم بارقةُ المشرب السلفي (4)، ولعله بواسطة الكتب التي نشرت للشيخين وورثتهما حديثاً، وإلاَّ فالقطر المغربي أعظم قطر يحارب هذا المشرب ولقد طورد السيد عبد الله السنوسي (5) من فاس من نحو خمسة عشر عاماً لميله لذلك، ومدافعته عن السيد صديق حسن (6)، وكان حضر وقتئذ

وحكى لنا غرائب، والله يهدي من يشاء ويختص برحمته من يشاء.

كنت كتبت للحاج مُقبل البحراني عدة كتب وأهديته " دلائل التوحيد" بواسطة البريد، فلا أدري هل ذلك لم يصل أو لم يدر بنا، وعسى بهمتكم و اهتمامكم أن يواصلنا بكتبه، ونُخبره بنموذج مما في " الكواكب ".

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

.................................................. ....... في 28 من المحرم سنة 1328هـ

.................................................. ........................ الفقير

.................................................. ................ جمال الدين القاسمي

# كان الشيخ مقبل أرسل للمرحوم السّناني صندوقاً من الكتب لتوزيعها بطرفنا من سنين، فعسى بأمركم أن يرسل مما لديه ما يوزع على الطلبة و الإخوان.

.................................................. ...................... جمال الدين


(1) لازال الكلام بين القاسمي والآلوسي مستمراً على رسالة:" إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان" لابن القيم.
(2) " مقدمة النووي لشرح صحيح مسلم " (1/ 24).
(3) يعني الشيخ جمال الدين: " مجلة الأحكام العدلية "، المشتملة على المعاملات الفقهية، ومسائل الدعاوى، وأحكام القضاء التي أصدرتها الخلافة العثمانية سنة 1293هـ، وقد بُنيت على المذهب الحنفي اعتماداً على كتبه وآراء فقهائه المعتمدة.
(4) هو العلاَّمة المؤرخ النبيه المسند عبد الحفيظ بن محمد الطاهر القرشي الفهري، الفاسي المغربي المولود سنة (1296)، والمتوفى سنة (1383هـ) بالرباط، ألّف: " معجم الشيوخ " الذي دلَّ على تفننه في علم الإسناد ويقظته اللامعة ومعرفته البالغة فيه؛ انظر في: " الأعلام " للزركلي (3/ 279)، و " شجرة النور الزكية " لمخلوف (1/ 434)، و " الحر العميق " لأحمد بن الصديق (ص 240 بخط مؤلفه)
(5) هو الشيخ المطلع عبد الله بن إدريس السنوسي المغربي، كان عالماً جريئاً محارباً للخرافات، توفي سنة (1350 هـ)، " سل النصال " لعبد السلام بن سودة (8/ 3005 ـ المطبوع ضمن موسوعة أعلام المغرب).
(6) هو أبو الطيب صديق بن حسن خان القنوجي صاحب المؤلفات المشهورة، توفي سنة (1307هـ)؛ انظر ترجمته لنفسه في كتابه: " التاج المكلل " (ص 541).
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير