ـ[أبو الفداء أحمد بن طراد]ــــــــ[29 Mar 2010, 09:50 م]ـ
(22)
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى حَضْرَة فَخْرِ الأُمَّة، وتذكرة هُداة الأئمَّة، من لا يحيط بوصفِهِ نطاقُ قلمي، علاَّمة مِصْرِهِ الشيخ جمال الدين القاسميّ.
سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته.
أمَّا بعد:
ففي أسعد ساعة
تشرفت بكتابكم الكريم، وحمدت الله على ما أنتم عليه من الخير.
إنَّ رسالة البركوي (1) التي في آداب الزيارة كنت رأيتها قبل أعوام مطبوعة في العاصمة مع بعض الردود على القائلين بوحدة الوجود، غير أنها مشحونة بالغلط والتحريف، فصححت النسخة على ما في " إغاثة اللهفان" (2)، وأصلحت ما كان فيها من الفساد، ثم نقلها بعض الأصحاب إلى البياض.
وكان قصدي إرسالها إلى مصر ليطبعها فرج الله على عهدته لعين ما عنَّ لكم، وهو أنها من خير ما ينتفع به ولاسيما والبركوي مقبول القول لدى الأتراك، وقوله يُؤثِّر فيهم ما لا يُؤثره غيره. ثُمَّ غفلت
عن ذلك بالكلية، والرِّسالة لصاحبنا محمد حسين (3) لا يكسل عن طبعها، ومع ذلك سأحرر للمومأ إليه عنها وعن غيرها، والفقير حرَّضه وحثَّه سابقاً على طبع كتاب " نقض أساس الرازي " وبعض تفاسير سور من القرآن لشيخ الإسلام، فاعتذر بعدم عثوره علة شيء من ذلك.
وقد ذكر لي بعض من أثق به أن " الرد على الرازي" موجود غالبه في بعض أجزاء " الكواكب الدراري"، وكذلك جملة من تفسير بعض السور حسبما حُرِّرَ في الورقة، فلو أنكم جرَّدتم كل ذلك باستئجار بعض الكُتَّاب لاستنساخه بعد بذل صاحبنا المومأ إليه ما يلزم من المصرف لعظمت منتكم على جميع من يعتني بهذا الشأن، والمقصود إفراد ذلك بالطبع ـ إن شاء الله تعالى ـ؛ فإن كل ذلك كنوزُ مخفيةٌ قد حُرِمت الأُمة من الانتفاع بها قروناً كثيرة (4).
وقد وصلت إليّ رسالتكم في " الجن " (5)، ولقد أبدع يراعكم بها وأجاد، فلا زلتم مظهر الفضائل، ولا بدع إن ظهر مثل هذا النور من أمثالكم أفاضل الشام تحقيقاً لما أخبر به الرسول ـ عليه السلام ـ (6).
وكنت قبل ذلك استفدت من مطالعتها في مجلة المقتبس ودعوت لكم ولناشره، وليتكم نشرتم معها ما ذكره شيخ الإسلام من أحكام الجن في تفسير قوله تعالى: {يا معشر الجن ..... } الآية [الأنعام: 128]. وهو في المجلد الثاني والأربعين من الكواكب نمرة (24)، ولعل الله تعالى يوفقكم لذلك ولأمثال ذلك مما يستوجب لكم الأجر الجزيل.
أما مسألة الاستفتاء عن الطلاق الثلاث فقد اتفق ذلك لبعض البغدادين، وجاؤوا للفقير مستفتين، فأخبرتهم بأقوال السلف، فطلبوا كتابة فتوى لهم بذلك فلم أفعل، لما أعلم ما عليه مبتدعة بغداد، فأشرت إليهم أن يراجعوا حضرتكم العلية لا غير، لما أعلم ما عليه آل الشطي وغيرهم، فلم أدر ما صنعوا بعد ذلك.
وأما ما ألفتموه في الاعتبار بخبر التلغراف (7) فقد أصبتم المَحَزَّ، فإنهم قد اعتمدو على خبره فيما هو أهم من ذلك، ولا يستغرب ما كان من المخالفين، فإن من أظهر سنة نبوية كان عليها السلف والأئمة عدُّوا ذلك منه من أعظم الكبائر، ولذلك قال من قال:
ورب جوهر علم لم أبوح به *-*-*-* لقيل لي: أنت ممن يَعْبُد الوثنا
وما كتبتموه في هذا الباب عين معتقدي وهو الصواب المستوجب للثواب إن شاء الله، والفقير لم يزل يحث على الأخذ بمثل ذلك (8)، ولكن الأمر كما قيل:
* ولكم أدعو ومالي سمع .... *
فباشروا بطبعها على بركة الله وتوفيقه ولا زلتم موفقين.
أحببت أن ينهض الإخوان الأحمدييون بطبع شيء من آثار السلف " كطبقات أبي يعلي"، وذيلها لابن رجب، وبعض ما لم يطبع من آثار الشيخين، ومن لا يحب ذلك، ولكم دعوت وناديت بأعلى صوت فلم يستجب لي عن ذلك المجيب، ورأيت أقرب الناس إلى الخير وأقدرهم عليه الشيخ قاسم (9)، والشيخ مقبل، ومحمد حسين نصيف، وقد كتبت لهم مراراً عن مثل ذلك فوعدوا بما يسر الله لهم الخير.
وقبل أيام طلب مني بعض المثرين النجديين استكتاب " شرح عقيدة شمس الدين الأصفهاني"، للشيخ، فاستكتبته، وصححته بكمال الجد والاجتهاد وأرسلته إليه، وقد التمست منه أن يطبع بمطبعة بولاق
، نسأله تعالى أن يسهل ذلك.
قبل هذا التمست من الأخ العلامة صاحب المقتبس الأغر (10) التفضل ببعض أجزاء مجلة السنة الماضية، فتفضل بالجزء الحادي عشر من مجلد العام.
¥