فلما رجعت إلى الدار فتحت كتب الفقه الحنبلي، فإذا المسألة كما قال الطالب لا كما قلت أنا. أفتدرون ماذا صنعت؟
جئت في الغد فقلت للطالب: أنا أعتذر إليك، لقد كنت أنا المخطئ وأنت المصيب، وأعتذر إليك مرة أخرى لأنك كنت مهذباً ولأنني لم أكن في التهذيب على ما يُطلب من العلماء فسامحني.
هل تظنون أن هذا الموقف نقص احترام الطلاب لي أو تقديرهم إياي؟ لا؛ بل أؤكد لكم أنهم زادوني تقديراً وأنهم استفادوا منه درساً لعله أكبر من الدروس التي تستفاد من الكتب. ص289 ـ 290.
2 ـ قال المتنبي:
والظلم من شيم النفوس فإن تجد ذا عفة فلعلة لا يظلم
هذا الذي قاله كذب، لأن من شيم النفوس العدل لا الظلم، والخير لا الشر، والإيمان لا الكفر؛ هذه هي الفطرة التي فطر الله الناس عليها. ورب بيت قاله الشاعر أفسد به أخلاق أمة؛ هذا أبو فراس، أما أفسد الناس حين قال: (إذا بت ظمآناً فلا نزل القطر)؟ أليست هذه هي الأثرة، أو ما يسمونه الأنانية؟ أين هذا من قول المعري:
فلا نزلت علي ولا بأرضي
سحائب ليس تنتظم البلادا
أو لم يفسد أو فراس بقوله: (لنا الصدر دون العالمين أو القبر)؟ إما أن يأخذ الطالب في الامتحان مئة على مئة أو الصفر؟ إما أن ينجح بدرجة ممتاز أو أن يختار الرسوب؟! أليس بين الصدر والقبر منزلة يمكن أن نأوي إليها وأن نقبل عليها؟ والذي قال: (وداوني بالتي كانت هي الداء)، هل كان صادقاً؟ ومتى كان الداء دواءً؟ لقد كذب الفاسق أبو نواس فما يكون الداء دواء أبداً. ص308 ـ 309.
3 ـ كانت في دارنا لوحة مكتوبة بخط فارسي جميل لها إطار ثمين، فيها حكمة حفظتها وأنا صغير ولا أزال دائماً أراها أمامي، هي: (أحسِن إلى من شئت تكن أميره، واحتج إلى من شئت تكن أسيره، واستغن عمن شئت تكن نظيره). ص 400.
هذا ما تيسر إيراده من فوائد هذا الجزء ويليه بإذن الله فوائد الجزء السابع.
ـ[إبراهيم المصري]ــــــــ[13 Jul 2009, 11:45 م]ـ
جزاك الله خيرا وأطعمك طيرا وزوجك بكرا
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[15 Jul 2009, 02:40 م]ـ
بارك الله فيك أخي إبراهيم وجزاك الله خيراً، وأسأل الله جل وعلا أن يجعلكم مباركين أينما كنتم.
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[22 Jul 2009, 05:39 م]ـ
الكتاب الثالث عشر: ذكريات علي الطنطاوي، الجزء السابع، الطبعة الخامسة 2007م، دار المنارة.
1 ـ لو أن رجلاً مات عن بنت وولد وترك ثلاثين ألفاً فأخذت هي عشرة وأخذ هو عشرين، كان في بادئ الأمر مجال لسؤال سائل: لماذا أُعطيت هي أقل مما أخذ هو؟
ولكن الأمور تأخذ جملة ليُحكم لها أو عليها ولا تُفرق أجزاء، ولا نؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعض؛ فهو أخذ عشرين ثم تزوج فدفع منها مهراً، وأخذت هي عشرة ثم تزوجت فأخذت مهراً فوقها، ثم أخذ ينفق هو على بيته وزوجته وهي يُنفق عليها زوجها، فيتوفر ما معها وينقص ما معه هو، فلا تمر مدة حتى تنقلب الحال فتصير هي ذات العشرين ويبقى له هو العشرة أو لا يبقى له شيء. ص223 ـ 224.
2 ـ أنا أحب الغزالي من يوم أهدى إليّ شيخنا الشيخ عيد السفرجلاني رسالته (بداية الهداية) على أنني من حبي للغزالي أحمد الله على أنه ما مات حتى عرف أن المنقذ من الضلال الدليلان الظاهران على جانبي الطريق والنيران الهاديان إلى الغاية المقصودة، اللذان لا يضل من استضاء بضوئهما ومشى على هديهما، وهما: الكتاب والسنة.
رحمه الله فلقد كان عظيماً، وكتابه الإحياء عظيم، ولكن فيه أيضاً من أخطاء الصوفية وأخطارها الشيء العظيم. ص284 ـ 285.
3 ـ قال رحمه الله واصفاً سيارة ركب فيها:
وكنا قد ذهبنا في سيارة صغيرة قديمة أدركت عهد ما بين الحربين، فهي عجوز أكل عليها الدهر حتى شبع، وشرب بعد الأكل الشاي!. ص345.
4 ـ صحبتي للحيوانات قديمة، إذ كان من أوائل ما وقعت عليه يدي في مكتبة أبي كتاب (حياة الحيوان الكبرى) للدميري. وهو كتاب عجيب؛ فيه فقه، بل إنه يعد أقرب مرجع في معرفة ما يؤكل وما لايؤكل من الحيوان، وكتاب لغة، فهو يضبط الأسماء، وكتاب أدب، فهو يسرد الأخبار، وكتاب طبيعة فهو يشير إلى خصائص الحيوانات، وكتاب تاريخ فهو يلخص فيه مراحل طويلة من تاريخنا، وهو على ذلك كله مملوء بالخرافات والأوهام والأباطيل وما يدخل العقل وما لايدخله وما يُفسده ويعطله. ثم لما كبرت قرأت كتاب (الحيوان) للجاحظ فوجدت فيه تلك الألوان كلها، ولكن الذي فيه أعلى وأغلى، وحسبك أنه من تصنيف الحاحظ. ص349.
هذا ما تيسر إيراده من فوائد هذا الجزء ويليه بإذن الله فوائد الجزء الثامن.
ـ[يوسف الحوشان]ــــــــ[22 Jul 2009, 08:17 م]ـ
اخي فهد
اظنني قرأت كثيرا مما طبع للشيخ علي الطنطاوي رحمه الله
ولكن (كناشتك) تحوي روائع وانتقاء يدل على ذوق عال
سددك الله ونفع بك
¥