تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أبو الفداء أحمد بن طراد]ــــــــ[15 Apr 2010, 06:50 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الاختلاط في الجامعات

كُتبت سنة 1971م ([1])

أشهد أولاً أن ((المجتمع)) إحدى المجلات القليلة الواعية التي عرفتها في حياتي, كـ ((الفتح)) لخالي محب الدين الخطيب رحمه الله, و ((البصائر)) التي كان يحررها صديقي الشيخ البشير الإبراهيمي رحمه الله, و ((البعث الإسلامي)) و ((الرائد)) لإخواننا ((النَّدْوييين)) في لَكْنَو في الهند, وقريب منها أو مثلها ((البلاغ)) و ((الوعي الإسلامي)) و ((حضارة الإسلام)).

وإني لتصل إليّ أعداد من ((المجتمع)) , ولكنها تأتي إليّ بعد صدورها بعشرين يومًا, فأحب أن أعلّق أحيانًا على بعض ما أجد فيها ولكني أجد أن وقت التعليق قد فات, وأنه لا يصل إلى المجلة إلا بعد صدورها بشهر أو أكثر, فأدعه.

ولو كنت قريباً منها لأعنتها على جهادها, ولأصليت هؤلاء المنحرفين نار الحق التي تذيب غش نفوسهم وتكشف زيفها وزيغها.

وأنا -وأن شخت وولّى شبابي- لا تزال فيَّ بحمد الله بقية تسّر الصديق وتكبت العدوّ وتؤيد الحق, كبقية القوة في الأسد العجوز التي تكف لصدّ وقاحة الثعالب.

ولكن ما قرأته في عدد 28 رمضان 1391 (رقم 86) عن ((ندوة الجامعة)) وحملة ((الرأي العام)) هالني وأدهشني, ورأيت من الواجب عليّ أن أكتب فيه, ولو جاء ما كتبت متأخراً عن موعده.

أنا أعرف أمثال هؤلاء الشباب, وأنا واقف على حقيقة أمرهم؛ إنهم يميلون إلى المرأة ويحبون أن يستمتعوا بجمالها, وكانوا (أو كان أكثرهم) في أوروبا أو أمريكا يرون اللذات هناك مباحة والمتع معروضة, فلما عادوا حنّوا إلى ما كانوا فيه من الانطلاق وضاقوا بما وجدوا من القيد والحجاب, فهم يألمون ممّن يحرمهم هذه المتعة المشتهاة كما يألم الصبي إذا منعته قطعة الحلوى التي يطلبها.

ولا يدري الصبي أن قطعة الحلوى لا تُنال سرقة ولا خطفاً ولا غصباً, ولكن بالثمن, فإن جاء بثمنها وصل إليها.

وهؤلاء مثله؛ لا يدرون (أو يدرون ويتناسون) أن المتعة بالمرأة إنما تكون بالزواج.

إن عمل المتزوج الزواج الشرعي وعمل الفاحش واحد في حقيقته, فلماذا يقيم المتزوج الحفلات ويطبع البطاقات ويضيء المصابيح ويدعو الناس, ويفر الآخر بصحابته إلى بقعة منعزلة أو غرفة موصدة, أو يتستر بستار الفن والرياضة والروح الجامعية, ليخفي حقيقة مقصده وما يخفي صدره؟

لماذا يكون المتزوج آمنًا مطمئنًا, ويكون الآخر حذرًا خائفًا مترقبًا؟ ذلك لأن الأول كمَن يدخل المطعم ونقوده في يده, فيقعد أمام المائدة ويطلب القائمة ويأكل على مهل, والآخر يخطف الطعام ويهرب به والناس يلحقونه, فهو يعدو ويأكل في عَدْوه, فيحرق الطعام حلقه أو يقف في بلعومه!

هذه هي الحقيقة؛ إنهم لا يريدون إلا الاستمتاع ببناتنا مجاناً, ولو كانت في أول الأمر متعة النظر والكلام. يريدون أن يأكلوا الطعام ولا يدفعوا الثمن.

إنهم ((لصوص)). لا تستكبروا الكلمة ولا تستنكروها, فإنها من باب تسمية الأشياء بأسمائها, فمَن غضب منها كان كلابس الأسمال الوسخة الممزقة, يغضب على آلة التصوير لأنها لم تخرج صورته لابسًا الحلة الجديدة. ثم إني لا أسمّي أحدًا بعينه ولا أصف أحدًا بذاته, فلماذا الغضب؟

نعم إنهم لصوص, ولكنهم لصوص من نوع جديد وقح ما سمعنا بمثله قبل اليوم. لصّ سَرّاق, ويعترض طريقك ويصرخ في وجهك, يقول لك: لماذا تخفي تحفك الثمينة وتسترها عني؟

إني أخفيها - ويلك- وأسترها لئلا تسرقها. إننا نحجب بناتنا لئلا يعتدي هؤلاء اللصوص, لصوص الأعراض, على أعراضهن. أفليس لنا الحق أن نحمي أعراض بناتنا؟

هذا إذا كان هؤلاء الناس يعرفون ما العرض! لقد كتبت من أكثر من أربعين سنة أنبّه على أمر غريب, هو أن كلمة ((العِرْض)) بمدلولها الذي نفهمه ليس لها كلمة تُترجَم بها, ليس لها ما يقابلها, لا في اللغة الفرنسية فيما أعلم و لا في الإنكليزية وغيرها فيما أسمع. لذلك يرى الأب منهم بنته تخرج مع الشاب الأجنبي شرعًا عنها ويختلي بها, فلا يُسخطه ذلك منها ولا ينكره عليها.

هؤلاء لا فائدة من الكلام معهم. هل يفيد الكلام مع الذئب وإقناعه أن لا يحاول ((الاختلاط)) بالغنم؟ لكن الكلام مع البنات وآباء البنات. أليس لهؤلاء البنات آباء؟ فأين آباؤهن؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير