تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومن الدعاء بأساليب الصحافة والإعلام, قول بعض الداعين للأمة الإسلامية (وهي تَرْفُلُ في ثوب الصحة والعافية)) فمادة (رَفَلَ)) مدارها على التبختر, والخيلاء, كما في الحديث المرفوع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (مثل الرافلة في الزينة في غير أهلها كمثل ظلمة يوم القيامة لا نور لها)) رواه الترمذي. الرافلة: أي: المتبخترة.

فانظر كيف يحصل الدعاء بأن تقابل النعمة بالمعصية.

وهكذا يفعل التجاوز للسُّنن, وهجر التفتيش بكتب العرب.

التنبيه التاسع

ولا يأتي الإِمام بأَدعية ليس لها صفة العموم, بل تكون خاصة بحال ضُرًّ, أَو نُصْرَةٍ, ونحو ذلك.

ومنه الدُّعاء بدعاء نبي الله موسى عليه السلام في سورة طه:25/ 35 إلى قوله: ((وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي)) إلى آخر الآيات.

ومنه: دعاء الإِمام بمن معه: ((اللهم أحينا ما كانت الحياة خيراً لنا, وَتَوَفَّنَا إِذا كانت الوفاة خيراً لنا)).

لما ثبت في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه قال, قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يَتَمَنَّيَنَّ أحدكم الموت من ضُرًّ أَصابه, فإن كان لابد فاعلاً, فليقل: ((اللهم أَحيني ... )) الحديث.

وعليه ترجم لنووي رحمه الله تعالى في ((الأَذكار)) بقوله: ((باب كراهية تمني الموت لضر نزل بالإِنسان وجوازه إذا خاف فتنة في دينه)).

وما ورد بنحوه مطلقاً, محمول على هذا المقيد.

التنبيه العاشر

ليس من حق الإِمام أَن يُرَاغِمَ المأمومين , ولا أن يُضَارَّهم بوقوف طويل يشق عليهم, ويُؤمَّنُوْنَ مَعَهُ على دعاء مخترع لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أَو يكونوا في شك من مشروعيته, وبينما هو في حال التغريد والانبساط فهم في غاية التحرج والانزعاج.

ولو سمع بعض الأَئمة ما يكون من بعض المأمومين بعد السلام من تألم , وشكوى من التطويل , وأَدعية يؤمن عليها ولا يعرفها , وتستنكرها القلوب ,لرجع إِلى السنة من فوره.

فيجب على من وفقه الله وأمَّ الناس في الصلاة. أَن يتقيد بالسنة, وأَن لأّ يُوَظَّفَ مزاجه, واجتهاداته مع قصور أَهليته, وأَن يستحضر رهبة الموقف من أنه بين يدي الله تعالى وفي مناجاته, وأَنه في مقام القُدْوةِ, وَتَلَقُّن المسلمين للقنوت المشروع, ونشره, وتوارثهم له.

ومن اسْتَحْضَرَ هذه المعاني في قلبه , لم يقع في شيء من ذلك , نسال الله سبحانه البصيرة في دينه , وأَن لا يجعله ملتبساً علينا فَنَضِل.

كما يجب على المأموم إِحسان الظن بإِمامه في الصلاة, وأَن يتحلى بالتحمل , وأَن لا يبادر إِلى الاستنكار إِلاَّ بعد التأكد من أَهل العلم الهداة , ومن ثم يكون تبادل النصيحة بالرفق واللين , والبعد كل البعد عن الشنيع , وإلحاق الأَذى به , وَمَنْ فَعَلَ فقد احتمل إِثْماً.

ولقد لوحظ أن بعض المأمومين لا يتابع الإِمام برفع اليدين للدعاء والتأمين, وهذه مشاقة وحرمان.

الفصل الثاني

دعاء قنوت الوتر المشروع وضوابط الزيادة فيه

وهنا يحسن بيان الدعاء المشروع في ((قنوت الوتر)) بضوابطه الشرعية وهي:

1 - على الإمام القانت في: ((صلاة الوتر)) التزام اللفظ الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي عَلَّمه سبطه الحسن بن علي رضي الله عنهما فيدعو به بصيغة الجمع مراعاة لحال المأمومين, وتأمينهم عليه, ونصه:

((اللهم اهدنا فيمن هديت, وعافنا فيمن عافيت, وتولنا فيمن توليت, وبارك لنا فيما أَعطيت, وقنا شَرَّ ما قضيت, فإِنَّك تقضي ولا يُقضى عليك, وإِنَّه لا يَذِلُّ من واليت, وَلاَ يَعِزُّ من عاديت, تباركت ربنا وتعاليت. لا منجا منك إِلاَّ إليك)).

وعن أَمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أَن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره:

((اللهم إِنَّا نعوذ برضاك من سخطك, وبعفوك من عقوبتك, وبك منك, لاَ نُحْصي ثَنَاءً عليك, أَنت كما أَثنيت على نفسك)).

ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت عن بعض الصحابة رضي الله عنهم في آخر قنوت الوتر, منهم: أُبي ابن كعب, ومعاذ الأنصاري رضي الله عنهما.

وَلْيُتَنَبّه فإِن ضبط لفظ (ولا يَذِلُّ)) بفتح الياء, وكسر الذال. وضبط لفظ (ولا يَعِزُّ)) بفتح الياء وكسر العين.

2 - ليحرص الإِمام على أَداء الدعاء بالكيفية الشرعية, بضراعة, وابتهال, وصوت بعيد عن التلحين والتطريب.

3 - إِن زاد على الوارد المذكور, فعليه مراعاة خمسة أُمور:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير