4 - ومنها قولهم أن المسلم لا يخرج من الإسلام إلا بقصد الخروج منه،فلابد من قصد الكفر وإرادته وانشراح الصدر به.
5 - ومنها قولهم أن المسلم لا يكفر وإن فعل الكفر والشرك لأنه قد يجتمع فيه الكفر والإيمان.
إلى غير ذلك من أقوال جعلت الخلاف يعظم ويستفحل وإن كان شدة الخلاف عند التحقيق حول هذه الأقوال ليس في أصل المسالة (العذر بالجهل).
- فالقول الأول مخالف لما هو معلوم من أصول أهل السنة من أن الإيمان قول وعمل واعتقاد والكفر يقابل ذلك فيكون بالقول أو العمل أو الاعتقاد، فقصره الكفر على الاعتقاد أو تقرير ما يلزم منه ذلك يخالف هذا الأصل.
- والقول الثاني الذي يحصر الكفر في الجحود، والجحود نوع من أنواع الكفر ليس جميعها بل يكون الكفر بالجحود ويكون بالإباء والاستكبار ويكون بالإعراض والجهل والتولي ويكون بالسب والاستهزاء ويكون بالنفاق ويكون بالشرك وعبادة غير الله إلى غير ذلك مما يذكره العلماء في أبواب الردة.
- والقول الثالث مجرد إدعاء لا يختلف في حقيقته عند التأمل عن قول من يقول بأن المسلم لا يكفر ولا يخرج من الإسلام وإن فعل ما فعل!
فهي صياغة جديدة لهذا القول بطريقة سلفية! حيث أن من يقرر ذلك لم يفسر وجود هذا الإيمان المجمل وهذه البراءة المجملة إلا بمجرد الانتساب للإسلام ولم يشترط لذلك إلا النطق بالشهادتين، وهذه يقولها كل مسلم، فكل مسلم ينطق بالشهادتين وينتسب للإسلام يكون لديه هذا الإيمان وهذه البراءة، فإذا حالت هذه البراءة دون تكفير من فعل المكفرات فقد امتنع تكفير أحد من المسلمين مطلقا!
وإلا فليقولوا لنا ماذا يشترط للبراءة المجملة من الشرك غير الانتساب والنطق بالشهادتين؟!
فإن كان لا يشترط لها إلا ذلك فكلامنا ملزم لهم ضرورة وإن كان يشترط غير ذلك فليذكروه لنا، ومن يتناقض ويكفر بأي صورة من صور الكفر كالسب مثلا حاججناه نحن بما قرره هو من وجود البراءة المجملة فكل مسلم لديه تعظيم مجمل لا يتنافى مع السب والاستهزاء، ولديه انقياد مجمل لا يتنافى مع رد الشريعة وهكذا إيمان مجمل عام وبراءة مجملة عامة!
فإنه إذا كان مقتضى النطق بالشهادتين أن يكون لدى المسلم إيمان مجمل بالتوحيد وبراءة مجملة من الشرك فإنه أيضا لا يمتنع أن يقال بأنه لديه براءة مجملة عامة من جميع أنواع الكفر، فلماذا تقصر البراءة من الشرك فقط؟
وعليه فلا يكفر مسلم قط لأنه مهما فعل من صور الكفر فإنه لا يتنافي مع الإيمان المجمل والبراءة المجملة التي لديه وهذا أصل باطل يغلق باب الردة بالكلية ويعارض نصوصه جميعها.
- أما القول الرابع فهو حصر الكفر في كفر الجحود العناد وهذا معارض بالطبع لما في الكتاب والسنة من كفر أهل الضلال والجهل من الذين كفروا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا والذين كفروا ويحسبون أنهم مهتدون، بل مخالف لما هو معلوم من أن أكثر الكفار هم من الجهال الضلال والأتباع المقلدين وسيأتي كلام أهل العلم في مسالة إرادة الكفر وقصده.
- أما القول الخامس فهو فهم مغلوط لقول أهل السنة في أن الإيمان أصل ذو شعب، وأن والكفر أصل ذو شعب وأنه قد تجتمع شعبة من شعب الكفر مع أصل الإيمان فلا تبطله ولا يكفر من يرتكبها وهذا أمر متقرر لكن الفهم المغلوط والجهل المركب أن يقال بأنه قد يجتمع أصل الإيمان مع أصل الكفر! فقائل هذا ومسوده كيف يحل له أن يتكلم في هذه المسائل؟!
- فهذه الأقوال المخالفة لهذه الأصول قد اضطرت هؤلاء إلى تفسير الإسلام وحقيقة الدين بما تستوعب جميع صور الشرك والكفر لذا قالوا يجتمع في المرء كفر وإيمان وشرك وتوحيد! فلم يعد للإسلام حقيقة من فاتها فقد فات الإسلام ولكن الإسلام عنده يتسع دائما ليستوعب آخر ما يصل إليه هذا المشرك في شركه!
- ولعمر الله إن جهلا يعصم صاحبه من الشرك والكفر والخلود في النار لهو خير له من حمر النعم!
- ولعمر الله إن دعوة تتسبب في تكفير هؤلاء لهي عليهم أعظم جناية ووبال!
¥