الشرك وذرائعه وما يؤدي إليه خفيا كان أم جليا أصغر كان أو أكبر.
- أما سجود معاذ فهو سجود تحية وإكرام وليس سجود عبادة وهو في شريعتنا كبيرة من الكبائر وقد حرم في حديث معاذ فلا يسجد لغير الله مطلقا تعظيما أو إكراما أو تحية أو عبادة ومن سجد تحية وإكراما لغير الله فهو مرتكب كبيرة وليس مرتكب كفر ولا شرك وعلى هذا نص العلماء ومثله الطواف فقد أختلف فيه هل هو عبادة مجردة يكفر من يفعلها بمجرد فعله أم هو عبادة بقصد التعظيم فهذه صور وغيرها فيها تفصيل لا تصلح للاستدلال على ما نحن بصدده وهكذا بقية الأدلة ...
- والبعض الأخر من الأدلة ليس فيه دلالة أصلا على ما جاء فيه فهو مردود.
ومنه ما يزعم أنه إجماع، كما ينقل البعض عن ابن حزم رحمه الله ما ذكره فيمن يخطئ في التلاوة فيزيد كلمة أو ينقص كلمة جهلا منه فيأتي البعض فيقول هذا الإجماع على العذر بالجهل! ومثل هذا الكلام كثير وهو عند التأمل يدل على أن من يستدل به لم يحرر محل النزاع أو لم يتأمل فيما ينقل.
- ومع ما سبق فإنه قد يعذر المشرك بالجهل بمعنى عدم العذاب في الدنيا أو الآخرة إلا بعد العلم، لكن لا يسمى مسلما موحدا مع شركه وكفره بحال حيث أثبتنا الانفكاك بين العذاب والوصف المستحق بمجرد الفعل أو القول ولأنه لا تجتمع حقيقة الإيمان والكفر في قلب إنسان فهما متقابلان لا يجتمعان ولا يزولان فإذا زال أحدهما خلفه الآخر.
- وفي استحقاق العذاب فإنه يفرق بين الجاهل العاجز عن رفع الجهل عن نفسه مع اجتهاده في ذلك وسعيه فهذا يعذر، وبين الجاهل المعرض المتمكن من العلم فهذا لا يعذر، أما مسائل العذاب في الآخرة وقيام الحجة على العبد فمرجعها إلى الله سبحانه فهو أعلم بمن قامت عليه الحجة ممن لم تقم عليه، وليس لنا إلا حكمه في الدنيا فمن ارتكب ناقضا من نواقض الإسلام فهو كافر يستناب فإن تاب وإلا قتل. وفي ذلك ما لا يحصر من كلام العلماء من السلف والخلف والله أعلم.
- ومن يدعي أن من لم يعذر بالجهل في التوحيد والشرك فإنه لا يعتبر بهذه النصوص ولا يعمل بها فهو مخطئ أتي من سوء فهمه، بل نقول بها جميعا ونعملها فيما جاءت فيه،وليس منها شيء في الشرك الأكبر،ولا يفيد مجموعها العموم بما يتضمن الشرك الأكبر ونقض حقيقة الإسلام.
ولا يلزم من تقرير ذلك القول بتكفير الناس بالعموم بل لا يلزم منه تكفيرهم أصلا وإن ارتكبوا هذه المكفرات، ومن يزعم أن من لا يعذر بالجهل فهو يكفر الناس بالعموم أو أنه يمتهن تكفيرهم فهو مخطئ أتي من سوء فهمه وسوء ظنه بإخوانه أو حكم على الجميع بما قد رآه من أحوال بعض الجهلة، وهذا أبعد ما يكون عن الإنصاف والتحقيق!
- بل نحن نقرر عقائد الإسلام وحقائق التوحيد والإيمان فنحول دون تغيير هذه الحقائق أو الإخلال بهذه الثوابت - بقصد أو بدون قصد - وهذا حقيقة الصراع بيننا وبين من يخالفنا في هذه المسائل.
- ومع ذلك فنحن أرحم الناس بالناس ندعوهم ونعلمهم ونبين لهم ونشفق عليهم ونبذل لهم من أنفسنا وأموالنا وأعراضنا في سبيل دعوتهم وبيان الحق لهم والأخذ بأيدهم للخروج من هذه الظلمات والجهالات متحملين في ذلك ألوان الابتلاءات من الطواغيت الذين سلطوا على رقاب المسلمين وعملوا على نشر الكفر والشرك وحرسوه ودعموه وحالوا دون وصول أهل الحق إلى هؤلاء تارة بسجنهم وقتلهم وتارة بالتشنيع عليهم وتشويه صورهم، مع ما يقوم به البعض ممن ينتسب إلى العلم والدعوة من التشنيع علينا بسوء فهمه وضيق عطنه وعدم تأمله فيصفنا تارة بالتوقف وتارة بالتكفيريين وتارة بالخوارج إلى غير ذلك من أنواع التشنيعات التي لا تزيدنا في الحق إلا صلابة بفضل الله.
- وإن مما نعتقده ونربي عليه أنفسنا وإخواننا بل وندعو إليه أيضا أن الواقع الذي نعيش فيه واقع قد التبست فيه معالم الحق وعم فيه الجهل بمسلمات الشريعة حتى التبست على أكثر الناس حقائق الإيمان والكفر والتوحيد والشرك بل التبست عليهم حقيقة الدين الذي جاء به الرسول ونزل به الكتاب،وإذا كان النبي في وقته قد ترك تكفير من علم كفره بنص الكتاب لئلا يقول الناس إن محمدا يقتل أصحابه فيصد عن قبول الحق أقوام، فلنا في ذلك أسوة ودليل في ترك التكفير والتشهير وإتباع منهج الدعوة والبيان،فنحن في واقع دعوة لا واقع إصدار أحكام لاسيما وإن هذه الأحكام من أخفى
¥