تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

سماعه والحق أنه لا كفر تأويل أصلا وليس هذا موضع البسط لهذه المسألة فخذها كلية تنج بها من موبقات لا تحصى ومهلكات لا تحصر وسيأتي عند الكلام على قوله والمتأول كالمرتد ما ينبغي أن يضم إلى ما هنا لتكمل الفائدة ...

فهنا كان التعليق على كفر التأويل وذكر أن الحق أن لا كفر تأويل أصلا ثم ذكر أنه سيعلق على ذلك عند قوله في المتن _ (والمتأول كالمرتد) بكلام آخر غير ذلك وقال:

(ينبغي أن يضم بعضه إلى بعض لتكمل الفائدة.)

ثم استرسل في الكلام بعد ذلك حتى ذكر قوله المنقول أعلاه ثم بعد ذلك جاءا التعليق على قول الماتن (والمتأول كالمرتد) فقال:

(قوله والمتأول كالمرتد إلخ. أقول ها هنا تسكب العبرات ويناح على الإسلام وأهله بما جناه التعصب في الدين على غالب المسلمين من الترامي بالكفر لا لسنة ولا لقرآن ولا لبيان من الله ولا لبرهان بل لما غلت مراجل العصبية في الدين وتمكن الشيطان الرجيم من تفريق كلمة المسلمين لقنهم إلزامات بعضهم لبعض بما هو شبيه الهباء في الهواء والسراب البقيعة فيا لله وللمسلمين من هذه الفاقرة التي هي من أعظم فواقر الدين والرزية التي ما رزىء بمثلها سبيل المؤمنين وأنت إن بقي فيك نصيب من عقل وبقية من مراقبة الله عز و جل وحصة من الغيرة الإسلامية قد علمت وعلم كل من له علم بهذا الدين أن النبي صلى الله عليه و سلم سئل عن الإسلام قال في بيان حقيقته وإيضاح مفهومه أنه إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان وشهادة أن لا إله إلا الله والأحاديث بهذا المعنى متواترة فمن جاء بهذه الأركان الخمسة وقام بها حق القيام فهو المسلم على رغم أنف من أبى ذلك كائنا من كان فمن جاءك بما يخالف هذا من ساقط القول وزائف العلم بل الجهل فاضرب به في وجهه وقل له قد تقدم هذيانك هذا برهان محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه)

فقد يقال أن الإمام رحمه الله قد تأثر في كلامه هذا بما ذكره الماتن أكثر من مرة في جعله المتأول كالمرتد فجاء السياق في كفر التأويل وأنه ليس بكفر أصلا وأن جعله كالمرتد فيه جناية على المسلمين وأن المسلم لا يكفر - من هذه الجهة- إلا باطمئنان نفس وانشراح صدر وغير ذلك مما ذكر وإن كان في العبارة شيء من التوسع في اللفظ إلا أن هذا هو سياقه الذي جاء فيه والذي يقبل فيه مثل هذا الكلام أصلا.

فإن المتأول لا يكفر بلازم قوله ومآله حتى يلتزمه ويقول به فيكون كفره بعد بيان لازم قوله واختياره له ورضاه به قولا ومذهبا فيكفر به اختيارا للكفر وتعصبا للقول وهنا يتحقق انشراح الصدر وهذا يكون في المتأول خاصة! أو من يأتي بأمر يحتمل في كونه كفر فيكون المرجح حينئذ هو قصد الفاعل وباطنه فإن أبدى عنه كفرا فقد شرح بالكفر صدرا ...

وممن ذهب إلى توجيه آية الإكراه في ذلك فحصر اشتراط انشراح الصدر في المتأولين ابن الوزير اليماني رحمه الله في كتابه إيثار الحق وهو ممن تأثر بهم الشوكاني رحمه الله حيث قال:

(من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم فقوله في هذه الآية الكريمة ولكن من شرح بالكفر صدرا يؤيد أن المتأولين غير كفار لأن صدورهم لم تنشرح بالكفر قطعا أو ظنا أو تجويزا أو احتمالا وقد يشهد لهم بذلك كلام أمير المؤمنين عليه السلام وهو الصادق المصدوق في المشهور عنه حيث سئل عن كفر الخوارج فقال من الكفر فروا فكذلك جميع أهل التأويل من أهل الملة وإن وقعوا في أفحش البدع والجهل .... ) ومع ذلك فقد منعه في الكفر الصريح حيث قال: (وقد بالغ الشيخ أبو هاشم (رأس المعتزلة) وأصحابه وغيرهم فقالوا هذه الآية تدل على أن من لم يعتقد الكفر ونطق بصريح الكفر وبسب الرسل أجمعين وبالبراءة منهم وبتكذيبهم من غير إكراه وهو يعلم أن ذلك كفر لا يكفر وهو ظاهر اختيار الزمخشري في كشافه فانه فسر شرح الصدر بطيب النفس بالكفر وباعتقاده معا واختاره الإمام يحيي عليه السلام والأمير الحسين بن محمد وهذا كله ممنوع لأمرين أحدهما معارضة قولهم بقوله تعالى: " لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة " فقضي بكفر من قال ذلك بغير شرط فخرج المكره بالنص والإجماع وبقي غيره ... )

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير