تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فلعل ما ذكرته من السياق وما ذكره ابن الوزير رحمه الله يعين على صحة هذا التوجيه لا سيما وكلام الشوكاني رحمه الله الذي ذكره في السيل وكلامه فيما نقلته عنه في كتبه الأخرى يحتمل أن يقال عنه أن هذا في كفر التأويل لقرينة السياق وما في كتبه الأخرى في كفر التصريح والله أعلم.

ثانيا: قد يوجه هذا الكلام أيضا بأن يقال أن كلام الإمام المذكور في السيل يختص بالأعمال التي ذكرها بعد ذلك وهي الأعمال والأقوال التي أطلق عليها الشارع اسم الكفر وليست بكفر ينقل عن الملة حيث استدرك على نفسه بقوله:

(فإن قلت قد ورد في السنة ما يدل على كفر من حلف بغير ملة الإسلام، وورد في السنة المطهرة ما يدل على كفر من كفر مسلماً كما تقدم، وورد في السنة المطهرة إطلاق الكفر على من فعل فعلاً يخالف الشرع كما في حديث لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ونحوه مما ورد مورده وكل ذلك يفيد أن صدور شئ من هذه الأمور يوجب الكفر وإن لم يرد قائله أو فاعله به الخروج من الإسلام إلى ملة الكفر. قلت: إذا ضاقت عليك سبل التأويل ولم تجد طريقاً تسلكها في مثل هذه الأحاديث فعليك أن تقرها كما وردت وتقول من أطلق عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم اسم الكفر فهو كما قال. ولا يجوز إطلاقه على غير من سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسلمين كافراً إلا من شرح بالكفر صدراً، فحينئذ تنجو من معرة الخطر وتسلم من الوقوع في المحنة. فإن الإقدام على ما فيه بعض البأس لا يفعله من يشح على دينه ولا يسمح به فيما لا فائدة فيه ولا عائدة. فكيف إذا كان على نفسه إذا أخطأ أن يكون في عداد من سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم كافراً ... )

وتأمل قوله: (وكل ذلك يفيد أن صدور شئ من هذه الأمور يوجب (الكفر) – وهل يوجب الكفر شيء مما ذكر - وإن لم يرد قائله أو فاعله به الخروج من الإسلام إلى ملة الكفر)

ولا شك أن جميع هذه الأعمال التي ذكرها ليس منها شيء يوجب الكفر الأكبر لذا فإن السياق يدل على أن كلامه المذكور إما أن يكون في المتأول الذي ساواه صاحب المتن بالمرتد أو يكون في التكفير بالأعمال التي سماها الشارع كفرا وليست كذلك كما سبق والله اعلم.

ومما يدعم الوجه الأول ما أورده الشيخ صديق حسن خان في كتابه الروضة الندية وهو شرح لكتاب الدرر البهية للإمام الشوكاني رحمه الله حيث أورد هذا الكلام في سياق الكلام عن المتأول ومقولة (والمتأول كالمرتد) مع التقديم والتأخير كله تحت سياق التعليق على هذه الكلمة بما يظهر صراحة أن سياقه كان في المتأول حيث قال رحمه الله:

(وأما قول بعض أهل العلم (أن المتأول كالمرتد) فهنا تسكب العبرات ويناح على الإسلام وأهله بما جناه التعصب في الدين على غالب المسلمين من الترامي بالكفر لا بسنة ولا قرآن ولا لبيان من الله ولا لبرهان .... ) وهذا الكلام قد جاء في السيل الجرار بعد الكلام الذي ذكرناه سابقا وهنا أورده المؤلف في سياق واحد متسلسل تحت تعليق الشوكاني على عبارة (والمتأول كالمرتد) ثم قال صديق حسن خان: (هذا ما أفاده الماتن العلامة في السيل. وقال أيضاً ... ) ثم ذكر قول الشوكاني المذكور في نفس السياق وذكر أحاديث الترهيب من تكفير المسلم (ففي هذه الأحاديث وما ورد مرودها أعظم زاجر وأكبر واعظ عن السراع في التكفير. وقد قال عز وجل: ولكن من شرح بالكفر صدراً فلا بد من شرح الصدر بالكفر، وطمأنينة القلب به وسكون النفس إليه، فلا اعتبار بما يقع من طوارق عقائد الشرك

لاسيما مع الجهل بمخالفتها لطريقة الإسلام، ولا اعتبار بصدور فعل كفري لم يرد به فاعله الخروج عن الإسلام إلى ملة الكفر، ولا اعتبار بلفظ يلفظ به المسلم يدل على الكفر وهو لا يعتقد معناه، فإن قلت قد ورد في السنة ما يدل على كفر من حلف بغير ملة الإسلام .... ) فهذا السياق كله هو تعليق على قول الماتن (والمتأول كالمرتد) واعتراض الإمام على ذلك ونفيه أن يكون شيئا يسمى كفر تأويل أصلا ..

ثم تطرق بعد ذلك للأقوال والأفعال المكفرة والتي تثبت بها الردة والخروج عن الإسلام فقال رحمه الله:

- والساحر لكون عمل السحر نوعاً من الكفر، ففاعله مرتد يستحق ما يستحقه المرتد

- والكاهن لكون الكهانة نوعاً من الكفر، فلا بد أن يعمل من كهانته ما يوجب الكفر

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير