تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(وخلاصة القول أن الأعمال وإن كانت داخلة في مسمى الإيمان فإن تركها لا ينقض الإيمان وإن كان ينقصه) ثم كرر ذلك فقال: (ترك الأعمال مع الاعتقاد ينقص الإيمان ولا ينقضه) د /43

وهذا الكلام مشكل!

لان مقام ترك العمل بالكلية يختلف عن مقام ترك أفراد الأعمال فإن ترك العمل بالكلية يلزم منه زوال عمل القلب بالكلية كما أن نقصه دليل نقصه وزيادته دليل زيادته، وذلك لامتناع حصول المحبة والانقياد في القلب دون عمل ظاهر أو حركة بدن فإن ذلك ممتنع لتلازم الظاهر بالباطن. وأيضا فإن زوال العمل بالكلية يعني عدم تحقيق الإيمان المجزئ في كلام السلف حيث قرروا أن الإيمان: (قول وعمل واعتقاد لا يجزئ واحد من الثلاثة إلا بالأخر) فمن يقول: (يجزئ القول والاعتقاد) دون العمل فهو مخالف لهذا الإجماع ضرورة.

وتقرير الشيخ بأن الإيمان قول وعمل واعتقاد ثم تقريره بعد ذلك بأنه يجزئ القول والاعتقاد دون العمل تناقض ظاهر، وخلاف لما جاء عن السلف رحمهم الله حيث نصوا صراحة على أنه " لا يجزئ واحد من الثلاثة إلا بالآخر " فموافقتهم في شق الإجماع ومخالفتهم في الشق الآخر تناقض وخروج عن منهجهم وتقريرهم، وهذا الإجماع الذي نقله الإمام الشافعي رحمه الله عن الصحابة والتابعين من أثبت الإجماعات وأصحها وأوضحها دلالة وقد أقره عليه الأئمة من بعده وفسروا قوله: (لا يجزئ واحد من الثلاثة إلا بالآخر) أي لا يصح ولا يقبل وذكروا أن من يقول خلاف ذلك فقد قال بقول المرجئة ...

ومما جاء في ذلك قول الإمام الاجري رحمه الله:

) فالأعمال رحمكم الله تعالى بالجوارح تصديق للإيمان بالقلب واللسان.

فمن لم يصدق الإيمان بجوارحه مثل الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وأشباه لهذه، ورضي من نفسه بالمعرفة والقول لم يكن مؤمنا، ولم تنفعه المعرفة والقول، وكان تركه العمل تكذيبا منه لإيمانه، وكان العمل بما ذكرنا تصديقا منه لإيمانه، وبالله تعالى التوفيق) ا. هـ

وقال أيضا: (والإعمال بالجوارح تصديق عن الإيمان بالقلب واللسان.

فمن لم يصدق بجوارحه مثل الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وأشباه هذه، ومن رضي لنفسه بالمعرفة دون القول والعمل لم يكن مؤمنا. ومن لم يعتقد المعرفة والقول كان تركه للعمل تكذيبا منه لإيمانه) … كذا) وكان العمل بما ذكرنا تصديقا منه لإيمانه، فاعلم ذلك. هذا مذهب علماء المسلمين قديما وحديثا، فمن قال غير هذا فهو مرجئ خبيث، فاحذره على دينك .. )

- فالقول بأنه يجزئ القول والاعتقاد دون العمل مخالف لهذا الإجماع ضرورة وقد يؤول إلى إخراج العمل الظاهر من حقيقة الإيمان، ولقد وقفت على بعض التفسيرات الخاطئة لهذا الإجماع من بعض الفضلاء اذكر شيئا منها واعلق عليه باختصار:

- فمنها قولهم أن الإيمان المقصود في كلام السلف هو الإيمان الكامل وهذا باطل، إذ أنه ليس من مقصود السلف في هذا الإجماع بيان كمال الإيمان أو أصله أو تعيين هذه الأقوال الإعمال والاعتقادات أو مراتبها؛ وإنما مقصدهم ذكر ما يتركب منه الإيمان وحقيقة الدين وأنه لابد فيها من القول والعمل والاعتقاد.

فالإيمان مركب من هذه الأجزاء في أي مرتبة من مراتبه الثلاثة – الأصل والوجوب والكمال -،فلابد فيها من القول والعمل والاعتقاد، فهم لم يقصدوا إلا بيان جنس ما يتركب منه الإيمان ظاهرا وباطنا، وقولهم لا يجزئ واحد من الثلاثة إلا بالأخر أي لا يصح ولا يقبل إيمان أحد إلا أن يكون فيه هذه الثلاثة أركان مجتمعة سواء قلنا ذلك في الإيمان الكامل أو الواجب أو أصل الإيمان فلابد من اجتماع هذه الثلاثة، ومن يقول أنه لابد من اجتماعها في الإيمان الكامل والواجب ولا يشترط ذلك في أصل الإيمان فهو متحكم بلا دليل، بل إن حقيقة الإيمان مركبة من هذه الأجزاء الثلاثة في أي من مراتب الإيمان الثلاثة،وليس مقصود السلف أصلا ذكر هذه المراتب أو أحدها، بل مقصودهم هو بيان هذه الحقيقة المركبة وأنه لا يجزئ وجود أي واحد منها دون الأخر ...

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير