) قد ذكرنا في كتابنا هذا ما دل عليه كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من تعظيم قدر الصلاة وإيجاب الوعد بالثواب لمن قام بها، والتغليظ بالوعيد على من ضيعها، والفرق بينها وبين سائر الأعمال في الفضل، وعظم القدر. ثم ذكرنا الأخبار المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم في إكفار تاركها، وإخراجه إياه من الملة، وإباحة قتال من امتنع من إقامتها، ثم جاءنا عن الصحابة مثل ذلك، ولم يجئنا عن أحد منهم خلاف ذلك)
- وقال رحمه الله: (هو قول جمهور أهل الحديث) أي كفر تارك الصلاة
- وقال: (سمعت إسحاق يقول: "صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تارك الصلاة كافر، وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تارك الصلاة عمداً من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر)
- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى:
) والمنقول عن أكثر السلف يقتضي كفره وهذا مع الإقرار بالوجوب، فأما من جحد الوجوب، فهو كافر بالاتفاق (
- وقال أيضاً: (وتكفير تارك الصلاة هو المشهور المأثور عن جمهور السلف من الصحابة والتابعين)
وذكر الكثير من أهل العلم انه إجماع الصحابة.
فهل من يقول بأن جمهور السلف على كفر تارك الصلاة يكون قد أخطا؟
وإذا قابل السلفي القول بأن (جمهور السلف الصحابة والتابعين) و (أكثر السلف) و (رأي أهل العلم من لدن النبي إلى إسحاق بن راهويه) و (جمهور أهل الحديث) بمصطلح جمهور العلماء من بعد الأئمة الأربعة فما عساه أن يترجح له؟!
- إن هذا الطرح المخل للمسائل يعد سمة بارزة في منهج الشيخ وفيه بلا شك إزراء من قدر هؤلاء المخالفين وهم هنا سلف الأمة وأئمتها من الصحابة والتابعين مع أن الشيخ كثيرا ما يدندن بأن الصحابة هم الجماعة وأنهم هم أهل السنة وأنه لا ينبغي أن ينظر لقول مخالفهم ويحكي في ذلك الآثار الكثيرة كما في شريط كيف تكون من أهل السنة ثم نجده هنا يغض الطرف عن هذا كله ويتوارى خلف مسمى جمهور العلماء!
الوقفة الثامنة:
ذكر الشيخ المسألة الثانية التي اختلف فيها أهل السنة والجماعة وهي مسالة الحكم بغير ما أنزل الله فقال: (فعمدة أهل
التكفير في تكفير الحكام آيات المائدة الثلاث .... )
والعجب من صنيع الشيخ هنا حيث ذكر أن المسالة مما اختلف فيها أهل السنة،ومعلوم أن موجب هذا الخلاف أن فريقا من أهل السنة يرى كفر الحكام بالقوانين الوضعية، وفريقا آخر لا يرى كفرهم كما حصل الخلاف في كفر تارك الصلاة ..
والسؤال هنا: لماذا لم يذكر الشيخ أحدا من العلماء المخالفين له كما ذكر الكثير ممن يرى أنهم يوافقونه؟!
وإذا أقر الشيخ بأن الخلاف حاصل في مسالة الحكم بما أنزل الله فلماذا يوصف من يكفر الحكام الذين يحكمون بغير ما أنزل الله بأنه من أهل تكفير؟! لا شك أن هذا تناقض واضطراب!
ثم ذكر الشيخ أن التفصيل في هذه المسألة هو الواجب!
والتفصيل عند الشيخ هو أن من ترك الحكم بما أنزل الله جاحدا كفر ومن تركه معتقدا وجوبه لم يكفر وهو مستحق للإثم والعقوبة!
وعلى مذهب الشيخ فإن أهل السنة لديهم تفصيل في حكم جميع الأعمال!
حيث أنهم قد قالوا بمثل الذي يسميه الشيخ تفصلا في ترك جميع الأعمال الواجبة، فمن ترك الصيام جاحدا كفر ومن تركه تهاونا لم يكفر ومن ترك الزكاة جاحدا كفر ومن تركها تهاونا لم يكفر وقل مثل ذلك في ترك جميع الأعمال!
- فإن كلمة تفصيل تعني عند السامع تحقيقا يخص هذه المسالة يتضمن دقائقها ومسالكها وتعدد أوجه الخلاف فيها. فإذا كان ما يقال في هذه المسالة هو ما يقال في غيرها فأين ما يخصها من تفصيل؟!
أما تفصيل أهل العلم الحقيقي فإنهم يجعلون الحكم بغير ما أنزل الله صورا متعددة لا صورة واحدة، وذلك يرجع إلى اختلاف دلالات لفظ الحكم في الكتاب والسنة من حيث الاستعمال حيث أنه قد ورد في نصوص الكتاب والسنة على معنيين رئيسيين:
- الأول التشريع:
- والتشريع وهو من خصائص الرب سبحانه وتعالى وهو حكم الله الذي شرعه في كتابه وعرفه الأصوليون بأنه خطاب الله المتعلق بأعمال المكلفين تكليفا ووضعا وهو تحليل الحلال وتحريم الحرام ووضع العقوبات والحدود وغيرها ...
¥